[الكلام في المثبت والنافي]
  نوع يعلم حكمه بضرورة العقل: كوجوب قضاء الدين، ورد الوديعة، وشكر المنعم، وتحريم الظلم، والعبث، والكذب، ونوع لا يعلم حكمه إلا بدلالة العقل: كإباحة ما يصح الانتفاع به من غير ضرر يلحق المالك، أو من هو أخص به، فإن إباحة ذلك أو تحريمه، إنما يعلم كل منها بدلالته على ما سنبينه إن شاء الله تعالى في باب الحظر والإباحة، فالوجه في تمشية كلام أبي هاشم، أنه أراد بقوله لا حكم للعقل فيه، أي بضرورة العقل وذلك حيث حكم فيه بدلالته، وأراد بقوله للعقل حكم، أي بضرورته، ولا خفاء أن ما ذكره المصنف إنما يتأتى في الخبرين، إذا كان أحدهما يطابق العقل في قضيته المشروطة، بألا ينقل عنها الشرع، وأما قضيته المطلقة، كقبح الظلم، والجهل، والكذب، ووجوب قضاء الدين، ورد الوديعة، وشكر المنعم فإن الخبر الذي يرد بخلاف ذلك يطرح، إلا أن يمكن تأويله.
  ولا يقال فيه إنه معارض للخبر الذي يوافق العقل.
[الكلام في المثبت والنافي]
  (مسألة: ولا ترجيح لمثبت العتق على نافيه) وذلك نحو قوله ÷: «من لطم مملوكه عتق عليه» مع قوله: «فكفارته أن يعتقه».
  قيل: لأنهما حكمان شرعيان ليس أحدهما ناقلا والآخر مبقيا، وإذا كانا سواء لم يرجح أحدهما على الآخر، وقد يمنع أن عدم العتق حكم شرعي، وأن مقتضيه ليس مبقيا.
  (أبو الحسن الكرخي بل المثبت أولى) لأن الرق بخلاف قضية العقل والعتق يرد الآدمي إلى ما كان عليه في الأصل وإلى ما يقضي به العقل فكان أولى لمضامة دليل إلى دليل وأيضا فإن المثبت للعتق مع النافي (كالشهود) على ثبوته مع الشهود على عدمه وقد ثبت هنا ترجيح جنبة الإثبات فكذا هناك.
  (و) أيضا فإنه أقوى (إذ لا يطرأ على العتق فسخ بخلاف الرق) فإنه تطرأ عليه