القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[القياس في المسائل العقليات]

صفحة 418 - الجزء 1

  نفس الأمر فلم يخرج من الحد، فكان الحد جامعا مانعا.

[القياس في المسائل العقليات]

  (مسألة: ويصح القياس في) المسائل (العقليات كمسائل العدل والتوحيد) بل عند البهشمية أنه لا طريق إلى إثبات الصانع وصفاته إلا القياس على الفاعل في الشاهد فمهما لم نعرف فاعلا في الشاهد انسد باب العلم بالصانع وصفاته.

  بيان ذلك أن الاحتجاج بعد العلم بحدوث العالم على أنَّ له محدثاً صانعاً وأنه ليس بمحدث لا محدث له إنما هو بالقياس على أفعالنا، فإنها لما كانت محدثة احتاجت إلينا في حدوثها ولم تستغن عنا ولا علة لحاجتها إلينا إلا مجرد حدوثها، فإذا كان الفرع وهو العالم قد شارك الأصل وهو أفعالنا في العلة وهي الحدوث لم يكن بد من مشاركته له في الحكم وهو الحاجة إلى محدث.

  ومثال القياس: في مسائل العدل الاحتجاج على أن الله لا يفعل القبيح بالقياس على من كان منا عالما بقبح القبيح وغنيا عنه وعالما باستغنائه عنه، فإنا نعلم من حالنا أنا متى كنا على هذه الصفات لم نفعل القبيح، فإذا كان القديم جل وعلا قد شارك في هذه العلة، بل هي في حقه أبلغ لوجوب غناه وعالميته وجب أن يشارك في الحكم، وهو امتناع فعل القبيح، فالمقيس هنا القديم سبحانه، والأصل المقيس عليه الواحد منا، والعلة العلم بقبح القبيح، والاستغناء والعلم بالاستغناء عنه، والحكم امتناع فعل القبيح ولا ضير، في كون العلة مجموع أمور، فإنها علة كاشفة لا موجبة.

  قالوا البهشمية: ومهما لم يصح القياس في العقليات لم يصح في الشرعيات؛ لأنه لو لا إثبات التوحيد والعدل والنبوات، لما ثبتت الشرائع، وقد خالف جُلَّةٌ من المحققين في ثبوت مثل ذلك بالقياس، ذاهبين إلى أنَّا متى علمنا حدوث العالم، علمنا حاجته إلى المحدث ضرورة ونحو ذلك، فلا احتياج إلى الاحتجاج على