[جواز تعدد العلة]
  الامتثال والإتيان بالفعل بدون العلم أو الظن بالتكليف وتعلق الخطاب به محال؛ ولأن الباعث لازم للحكم إما بطريق الوجوب كما هو رأي المعتزلة، أو بطريق التفضُّل كما هو رأي الأشاعرة، فينتفي الحكم عند انتفائه ولا يلزم انتفاء المدلول بانتفاء الدليل على الإطلاق وإلا لزم من انتفاء الدليل على الصانع انتفاء الصانع تعالى وإنه باطل.
  نعم يلزم انتفاء العلم أو الظن بالصانع، فإنا نعلم قطعا أن الصانع لو لم يخلق العالم أو يخلق فيه الدلالة لما لزم انتفاؤه قطعا.
[جواز تعدد العلة]
  تذنيب قد عرفت أن هذا البحث، والخلاف فرع جواز تعدد العلة، فلنتخذ لذلك مبحثا ولنتكلم فيه، وفيه مذاهب.
  أحدها: يجوز، ثانيها: لا يجوز.
  ثالثها: يجوز في المنصوصة دون المستنبطة، رابعها: عكسه.
  ثم اختلف أهل المذهب الأول في الوقوع.
  فالجمهور على الوقوع، وقال الجويني: لم يقع.
  لنا: لو لم يجز لم يقع ضرورة، وقد وقع فإن اللمس والمس والبول والمذي والغائط أمور مختلفة الحقيقة وهي علل مستقلة للحدث؛ لثبوت الحدث في كلٍ منها وهو معنى الاستقلال.
  فإن قيل: المبحث توارد العلل، ولا توارد ههنا؛ لأنها لو وقعت بالترتيب فالحدث بالأول، أو معا فالحدث بواحد غير معين.
  قلنا: ليس المبحث سوى كون الحكم بحيث يكون له علل مستقلة يقع بأيها كانت، ولو سلم فعند الاجتماع يقع بكل منها على أنه حقيقة لا مجاز للقطع بأنه