[شبه حجج المانعين بالتعبد بالقياس والرد عليها]
[شبه حجج المانعين بالتعبد بالقياس والرد عليها]
  (فقيل:) امتنع ذلك (إذ ليس بطريق) لأنه إنما يثمر الظن، والعقل لا يجوز ورود الشرع بالعمل بالظن لما قد علم منه أنه ورد بمخالفة الظن. وكيف يجمع بين إيجاب الموافقة والمخالفة.
  بيان ذلك أنها إذا التبست رضعةُّ لزيد في عشر أجنبيات لم يجز له نكاح واحدة منهن وإن غلب على الظن بعلامات أنها أجنبية وكذلك لا يحكم بشاهد واحد، وإن أفاد الظن القوي لكونه صدَّيقا أو للقرائن.
  قلنا: لا نسلم أنه علم وروده بمخالفة الظن بل المعلوم خلافه وهو وروده بمتابعة الظن كما في خبر الواحد وفي ظاهر الكتاب وظاهر السنة واعتبار القيم وأخبار النساء في الحيض والطهر في غشيانهن وغير ذلك، وما ذكرتموه إنما منع فيه من إتباع الظن لمانع خاص.
  (وقيل:) إنما لم يجز (لبنا الشرع على مخالفته) فإنه قد ثبت من الشارع الفرق بين المتماثلات، والجمع بين المختلفات، وإذا ثبت ذلك استحال تعبده بالقياس.
  أما الفرق بين المتماثلات فلإيجابه الجلد بنسبة الزنا إلى الشخص دون نسبة الكفر والقتل إليه، و (لإيجابه الغسل من المني لا البول) مع تماثلهما في الاستقذار والفضلة (ونحو ذلك) كقطع سارق القليل دون غاصب الكثير، وثبوت القتل بشاهدين دون الزنا.
  وأما الجمع بين المختلفات فللتسوية بين قتل الصيد عمدا وخطأ في الفداء في الإحرام، وبين الزنا والردة في القتل وبين القاتل خطأ، والواطئ في الصوم والمظاهر عن امرأته في إيجاب الكفارة عليهم، وأما أنه إذا ثبت ذلك استحال تعبده بالقياس فلأن معنى القياس وحقيقته ضد ذلك وهو الجمع بين المتماثلات والفرق بين المختلفات.