[إجماع أهل المدينة]
[إجماع أهل المدينة]
  (مسألة: وإجماع أهل المدينة ليس بحجة، خلافا لمالك)(١).
  (لنا: أن) الأدلة لا تتناوله، وذلك (أنهم بعض الأمة)، وهي إنما تتناول كل الأمة(٢).
  قالوا قال ÷: «إن المدينة طيبة تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد»، والباطل خبث فينتفي عنها.
  قلنا: إنه إنما يدل على فضلها لما علم من وجود الباطل والفسوق والمعاصي فيها، ولا دلالة له على انتفاء الخطأ عما اتفق عليه أهلها بخصوصه.
(١) قال في منهاج الوصول إلى معيار العقول: ولما استضعف أصحابه هذه المقاله تأولوا له، فقال بعضهم: أراد أن روايتهم متقدمة على رواية غيرهم. وقيل: إنما يكون إجماعهم حجة عنده في أن المنقولات المستمرة كالأذان والإقامة. قال بن الحاجب والصحيح التعميم. وقال بعضهم: مرداه أن نقل أهل المدينة أرجح، وقال بعضهم: بل جعل عملهن مرجحاً. قال الحاكم: والمشهور عن مالك أنه رَدَّ الخبر بفعل أهل المدينة حتى قال ابن ذنب يستتاب مالك، وكان إذا روى خبر لا يعما به فيسأل عن ذلك فيقول لأن بلدي لا يعملون به. تمت ص ٦١٧.
(٢) قال الإمام أحمد بن يحيى بن المرتضى # في منهاج الوصول ص ٦١٨: والحجة لنا على اجماعهم ليس بحجة (أنهم بعض الأمة) ولم يقم دليل على أن قول البعض حجة، ثم إن الإجماع نوعان: عام، وهو ما يستوي في التكليف به العوام والعلماء فهذا يعتبر فيه كا الأمة، وأهل (المدينة) ليسوا كا الأمة. وخاص وهو ما كان في فروض العلماء، فالمعتبر فيه كل الأمة، وأهل المدينة ليسوا كل الأمة.
ورجح ابن الحاجب كونه حجة. واحتج بأن العادة تقضي بأن الطائفة العظيمة من العلماء لا تجتمع على حكم؛ إلا عن دليل راحج، فأقتضى أنَّ إجماعهم حجة، وإن لم يكن قاطعاً.
قلت: وهذا ضعيف للزوم مثله في غيرها من الأمصار (كبغداد ومصر) وغيرهما، ثم إن أكابر علماء الصحابة كانوا خارجين عنها، وهذا يستلزم أن لا يعتد بخلافهم لأهل المدينة وهذا مِنَ البعد في منزلة لاتخفى عن ذوي الألباب، وبيانُه أنَّ عَلِيّاً [#] وابن مسعود وأبا موسى وغيرهم كانوا في الكوفة وأنس في البصرة وأبو الدّرداء في الشام و سليمان في المائن وأبا ذر كان في الربذة ومن المحال أن لا يُعتد بخلاف هؤلاء. تمت.