[جواز إحداث دليل أو تأويل أو تعليل ثالث]
  ذكرنا لا (إن لم يرفعهما) إذ لم يتفقوا على عدم التفصيل؛ لأن عدم القول بالتفصيل ليس قولا بعدم التفصيل، وإنما يمتنع القول بما قالوا بنفيه، لا بما لم يقولوا بثبوته، ولو امتنع لأمتنع القول في كل واقعة تتجدد إذ لم يقولوا بحكم، ويتحقق ما ذكرنا بمسألتي الذمي والغايب، فإنهم لم يقولوا بالفصل، ومع ذلك فالفصل والقول بأحدهما دون الآخر جائز بالاتفاق، وإنما الخلاف فيما أجمعوا على قولين في مسألة لا في مسألتين.
  (وقيل: بل يجوز مطلقا)؛ لأن اختلافهم دليل على أن المسألة اجتهادية، يسوغ فيها العمل بما يؤدي إليه الاجتهاد، فكيف بجعل مانعا منه(١).
  (قلنا: رفعهما خرق للإجماع)، بيان هذا المحمل وفتحه لأنه مقفل، هو أن الذي ذهبنا إلى المنع فيه، هو ما اتفقوا على أمر يرفعه القول الثالث، وذلك لم يختلفوا فيه، فلا تكون اجتهادية.
[جواز إحداث دليل أو تأويل أو تعليل ثالث]
  (مسألة:) إذا استدل أهل العصر بدليل، أو أولوا تأويلا، أو عللوا تعليلا، فإنه (يجوز) لمن بعدهم عند جمهور العلماء وهو المختار (إحداث دليل) ثالث، (أو تأويل) ثالث، (أو تعليل ثالث، خلافا لبعضهم)، هذا إذا لم ينصوا على بطلانه، وأما إذا نصوا، فلا يجوز اتفاقا.
  (قلنا: لا مانع)؛ لأن ذلك قول بالاجتهاد ولا مخالفة فيه لإجماع؛ لأن عدم القول ليس قولا بالعدم، فكان جائزاً.
(١) قلت: الاختلاف في مسألة يجعل المسألة اجتهادية يسوغ قبها العمل بما يؤدي إليه الاجتهاد، ولكن نقول إنما يسوغ العمل بما يؤدي إليه الاجتهاد من الأخذ بأحد القولين. أما احداث قول ثالث يرفع القولين فهذا يعني أنه في وقت من الأوقات يكون الحق قد ضل عن هذه الأمة. والله اعلم. تمت عبدالله حسين مجدالدين.