[النسخ بالقياس]
  واحتج ابن الحاجب: بأن المتواتر قاطع، والآحاد مظنون، والقاطع لا يقابله المظنون.
  وقد يقال: إذا جاز تخصيص القاطع بالآحاد، جاز نسخه به، والجامع كونهما مخصصين، وكون أحدهما في الأعيان والآخر في الأزمان، لا يصلح فارقاً إذ لا أثر له.
  وقالوا: نسخ المتواتر بالآحاد قد وقع وهو أن التوجه إلى بيت المقدس كان متواترا ونسخ بالآحاد وهو أن أهل مسجد قباء سمعوا مناديه ÷ يقول ألا إن القبلة قد حولت فاستداروا وتوجهوا، ولم ينكر عليهم الرسول ÷.
  قلنا: لعله حصل لهم القطع بذلك الخبر لانضمام القرائن إليه فقد يفيد خبر الواحد العلم حينئذٍ؛ لأن ندا منادي الرسول ÷ بحضرته على رؤوس الأشهاد في مثل هذه العظمة قرينة صادقة عادة، ويجب المصير إلى ما قلنا، لئلا يلزم ترك القاطع بالمظنون، وقد بينا أنه لا يصح.
  وقد يمنع إفادة الخبر الآحادي مع انضمام القرائن إليه للعلم فإن المسألة خلافية.
  وإن سلم فذلك احتمال بعيد إذ لم يمض قبل فعلهم وقت يمكنهم فيه فهم ما كان من إنكار على المنادي وعدمه فإنه لا يحصل ما ذكرتم إلا بعد علم عدم الإنكار.
  وأيضا: فقد عرفت أن الاحتمال البعيد لا يدفع الظهور، وأنه لو اعتد بمثل هذا الاحتمال لا نسحب على كثير من الأحكام أذيال الاختلال، ولا نسلم أنه يلزم ترك القاطع بالمظنون فإن المتروك هو الاستمرار وليس بقطعي، فافهم والله أعلم.
[النسخ بالقياس]
  (مسألة: ولا يصح النسخ بالقياس، بعض أصحاب الشافعي) بل (يجوز)