القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[تعريف الصحابي]

صفحة 328 - الجزء 1

[تعريف الصحابي]

  (مسألة: والصحابي) مختلف فيه، فقيل هو: (من طالت)⁣(⁣١) مخالطته رسول الله، و (مجالسته إياه متبعا لشرعه)، فمن قلت مجالسته إياه، أو طالت من غير إتباع، فإنه لا يكون صحابيا.

  (وقيل:) هو (من لقيه) وإن لم تطل صحبته.

  لنا: أنه لا يسبق إلى الفهم عند إطلاق الصحابي إلا الملازم، فلو كان لغير الملازم حقيقة لما سبق إلى الفهم ذلك، إذ هو خاص، والعام لا يفهم منه الخاص بعينه، وأيضا لولا أن الصحابي يدل على الملازمة لما صح نفيه عن الوافد على الرسول ÷ والرائي له، إذ الأصل اطراد الحقيقة، وصحة النفي علامة المجاز، لكنه يصح أن يقال لم يكن صحابيا لكنه وفد عليه، أو رآه ولم يصاحبه.

  قالوا: إن الصحبة تقبل التقييد بالقليل والكثير، بأن يقال صحبه قليلا أو كثيرا من غير تكرار ولا نقض، فوجب جعله للقدر المشترك بينهما دفعا للمجاز والاشتراك، وأيضا لو حلف لا صحب فلانا فصحبه لحظة حنث بالاتفاق، ولو شرط فيه ذلك لما كان كذلك.

  (قلنا:) إن ذلك إنما يتأتى في الصاحب لغة، وأما الصحابي بياء النسبة المخصوص في العرف بأصحاب النبي فلا، وذلك واضح على أن (اللاقي) اللحظة واللحظتين (ليس بصاحب لغة ولا شرعا ولا عرفا)، فإن الصاحب هو من كثرت ملازمته لغيره، بحيث يريد نزول الخير به ودفع الشر عنه، وهي وإن قيدت بالقلة، فليس المراد بها نحو اللحظة، بل ما يفيد الملازمة، لا في أكثر الأوقات، فإنه قد يكون الشيء قليلا بالنظر إلى غيره، وإن كان بالنظر إلى نفسه غير


(١) ولا حد لطول تلك المجالسة وإنما يعرف تقريباً لا تقريراً. اهـ حاوي (من حاشية الفصول - نقلاً من الكاشف لذوي العقول. ص ١١٢).