القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[ورود المطلق والمقيد في حكمين مختلفين]

صفحة 148 - الجزء 1

  وقد أجيب: بأن في التقييد حكما شرعياً لم يكن ثابتاً قبلُ، وهو يرفع حكما شرعيا، وفي التخصيص لا حكم ولا رفع، بل مجرد دفع، فلا يلزم من كون التقييد الذي هو حكم شرعي نسخاً كون التخصيص الذي ليس كذلك نسخاً⁣(⁣١).

  وأنت خبير بأنه إنما يحمل على المقيد فيما ذكر حيث أتحد السبب وهما مثبتان.

  فأما حيث هما منفيان فإنه يعمل بهما اتفاقا نحو: لا تعتق المكاتب لا تعتق المكاتب الكافر من غير قصد إلى الاستغراق كما في: اشتر اللحم فلا يحمل كلام المصنف على ظاهره.

[ورود المطلق والمقيد في حكمين مختلفين]

  (وإن كانا) واردين (في حكمين مختلفين غير جنس واحد لم يحمل المطلق على المقيد) ولا المقيد على المطلق بوجه من الوجوه (اتفاقا) سواء كانا منهيين أو مأمورين وأتحد سببهما أو اختلف نحو: لا تكس تميمياً، ولا تطعم تميمياً جاهلاً، و (كالتيمم) المطلق في قوله تعالى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ}⁣[المائدة: ٦]، فإنه لا يحمل (على الوضوء) المقيد بالمرافق في أية الوضوء (في تكميل الأعضاء)؛ لأنهما مختلفان في الوجوب، والوقت والكيفية، فإن المسح بالتراب مخالف للغسل بالماء، ولو أتحد السبب، وإنما يؤخذ التقييد في التيمم من دليل آخر من قياس أو


(١) وقد يجاب عن هذا الجواب بأن يقال هذا إعادة للدعوى لأن كون في التقييد حكم شرعي، وكونه يرفع حكم شرعياً مجرد دعوى بلا دليل. لا يقال كذا التخصيص حيث تأخر بوقت يمكن العمل بالعام أنه يرفع حكم شرعيًاً.

وأما إذا لم يتأخر المخصص والمقيد فهما سواء أنهما لا يرفعان حكم شرعياً بل يدفعانه فقط، فإنك لا تجد للفرق سبيلاً بين قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ}⁣[النساء: ٩٢]، وبين قوله ÷ «في الغنم السائمة زكاة» أن كلاً منها دافعاً لاحتمال قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا}⁣[المجادلة: ٣]، وقوله ÷ «في الأربعين شاة شاه». فإن قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}، يحتمل أجزاء الكافرة، وقوله ÷ «في الأربعين شاة شاه» يحتمل الوجوب في المعلوفة والسائمة. فدفعت الآية الآخر والحديث الآخر الاحتمال. فافهم ذلك. والله سبحانه أعلم. تمت من هامش المخطوطة [أ].