القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الفعل المثبت الاصطلاحي لا عموم له]

صفحة 182 - الجزء 1

[الفعل المثبت الاصطلاحي لا عموم له]

  (مسألة:) الفعل المثبت الاصطلاحي لا عموم له، فلا يحمل وقوعه على جميع أقسامه.

  وقيل بل يعم (مثل) قول الراوي إنه (صلى داخل الكعبة) فلا يعم الفرض والنفل فلا تعين إلا بدليل، (أو) مثل قوله: صلى (بعد غيبوبة الشفق)، فلا يعم الصلاة بعد الشفقين الأحمر و الأبيض، إلا أن يُجعل المشترك عاماً في مفهوميه، (أو) مثل قوله (جمع في السفر) بين الصلاتين العصرين أو العشائين فهذا كذلك (ليس بعام لفظاً) لجمع التقديم والتأخير، وعلى هذا أيضاً يجب أن يُعلم أن ما فعل النبي ÷ واجباً كان أو جائزاً له لا عموم له بالإضافة إلى غيره، بل هو خاص له إلا أن يدل دليل من خارج على المساواة بينه وبين غيره في ذلك الفعل كما لو صلى وقال صلوا كما رأيتموني أصلي.

  قالوا: قد عمم في جميع الخلق نحو سهى فسجد وفعلت أنا ورسول الله فاغتسلنا وغير ذلك مما حُكي من فعله وشاع ولم ينكره أحد.

  قلنا: إن التعميم ما كان إلا بدليل خارجي نحو: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}⁣[الأحزاب: ٢١] لا بصيغة الفعل وفيه وقع النزاع.

  مسألة: قد ثبت أن الفعل المثبت والفعل المقابل للقول لا عموم لهما كما سبق وهذا (بخلاف) ما إذا حكى الصحابي فعلا بلفظ ظاهر العموم كأن يقول (نهى عن بيع الغرر وقضى بالشفعة للجار) فإنه يعم الغرر والجار بصيغته وهو حكاية حال فيحمل على العموم (حيث روى عدل عارف) بما يتعلق بمعرفة المعاني الوضعية وبما يتعلق باستنباط الأحكام الشرعية (في الأصح).