القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الكفار هل هم مخاطبون بالشرعيات]

صفحة 85 - الجزء 1

  بها العلم، وذلك غير صحيح.

  فلو قيل: إن الأغلبية إنما تفيد ذلك عند عدم الدليل على أنه حينئذٍ للوجوب، وقد انتهض دليلنا على ذلك لكان أجود.

  (و) لنا أيضاً على أن الأمر باقٍ حينئذٍ على موضوعه أنه لا يتغير بوروده بعد الحظر (كالنهي بعد الإيجاب)، فكما أن النهي هنا باقٍ على موضوعه، كذلك الأمر؛ لأنه نقيضه، وما ثبت في أحد النقيضين ثبت في الآخر.

  واعلم أن هنا مذهباً ثالثاً، وهو أنه إذا علق الأمر بزوال علة عروض النهي كان حكم الفعل، كما كان قبل النهي، وذلك كالأمر بالاصطياد والانتشار في تينك الآيتين المعلق بزوال الإحرام في الأولى والوجوب في الأخرى، وإن لم يعلق بزوال علة عروض النهي، بقيت صيغة الأمر على موضوعها الأصلي، وهذا القول قريب، ولذا قيل ينبغي أن يتأول اطلاق أهل القول الأول عليه.

[الكفار هل هم مخاطبون بالشرعيات]

  (مسألة: المذهب، وأكثر الفريقين⁣(⁣١) والكفار مخاطبون بالشرعيات) والفرعيات كالصلاة والصيام، مع انتفاء شرطها، وهو الإيمان، حتى أنه يقع التعذيب بترك الواجبات منها، وارتكاب المنهيات، كما يقع بترك الإيمان.

  (أكثر أصحاب أبي حنيفة وأبو حامد الإسرائيلي⁣(⁣٢) لا) يصح تكليفهم بها إذ لا يصح منهم بالاتفاق فلو كلفوا بها لكان تكليفاً بما لا يطاق، وأيضاً لو صح ذلك لأمكنه الامتثال؛ لأن الإمكان شرط التكليف، وأنه لا يمكن أما في الكفر فلانتفاء شرطها، وأما بعده فلسقوط الأمر عنه والامتثال فرعه.


(١) أكثر الفرقين أي الشافعية والحنفية.

(٢) هو الشيخ أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد الإسرائيلي. توفي عام (٤٠٦ هـ/١٠١٦ م). تمت من حاشية منهاج الوصول ص ٢٥٨.