القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[القياس في الكفارات والحدود]

صفحة 460 - الجزء 1

  منهما أصلاً من أصول الشرائع.

  قلنا: إنما يتم قياسكم لو لم يكن قد ثبتت شرعية محل النزاع كالمقيس هو عليه، لكنها قد ثبتت فافترقا، فبطل القياس؛ لوجود الفارق، ففسد ما أستندتم إليه.

[القياس في الكفارات والحدود]

  (مسألة:) القياس هل يجري في الكفارات والحدود، قد اختلف فيه.

  فقال (المذهب والشافعية و) هو المختار أنه (يجوز إثبات الكفارة والحدود بالقياس).

  وذهب (أبو عبدالله وأبو حنيفة، والكرخي) إلى أنه (لا) يجري فيهما القياس.

  لنا: أن الدليل الدال على حجية القياس ليس مختصا بغير الكفارات والحدود، بل هو متناول لهما جميعا لعمومه، فوجب العمل به فيهما.

  ومن صور اتفاق الصحابة على العمل بالقياس أنهم حدوا في الخمر بالقياس حيث تشاوروا فيه، فقال علي #: إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فأرى أن يكون عليه حد الإفتراء، فأقام مظنة الشيء مقامه، كتحريم مقدمات الزنا، حيث كانت مظنة له، فقام دليلا في المتنازع فيه بخصوصه، كما دل على حجية القياس من غير تفرقة، ومثاله في الكفارة، ما لو قلنا: يجب لترك صلوات اليوم كفارة، كما يجب لترك صيامه بجامع كون كل منهما عبادة.

  قالوا أولاً: لو صح إثبات مثل ذلك بالقياس لصح أن يثبت بالقياس أصول الشرائع وهو ما لو شرع لعلم حكمه من الدين ضرورة؛ كوجوب الصلاة والصيام، والحج والجهاد، وتحريم الزنا والربا، فإن ذلك معلوم على سبيل الجملة ضرورة من دينه ÷، لكنه لا يصح إثباتها بالقياس؛ لأنه أخذ علينا التطرق إليها بالأدلة الشرعية المعلومة، فلا يصح إثبات شيء من الكفارات والحدود بالقياس؛ لكونهما من أصول الشرائع.