القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

فرع: [مدة البحث عن المخصص]

صفحة 178 - الجزء 1

  قبل وقت العمل وقبل ظهور المخصوص يجب اعتقاد عمومه جزماً، ثم إن لم يتبين ظهور الخصوص فذاك وإلا تغير الاعتقاد، صرح بذلك الجويني، ثم قال وهذا غير معدود عندنا من مباحث العقلاء ومضطرب العلماء.

  وقال الغزالي: لا خلاف في أنه لا تجوز المبادرة إلى الحكم بالعموم قبل البحث عن المخصص؛ لأن شرط دلالة العام انتفاء المخصص، فلابد من معرفة الشرط.

  احتج الصيرفي: بأن العموم حقيقة الاستغراق والحقائق يلزم التمسك بظاهرها من دون طلب للمجازات، وأيضاً فإن الأصل في العموم عدم المخصص فيلزم العمل على العموم مالم يُسمع بتخصيصه.

  (قلنا:) ذلك مسلم لو لم يعرض ما يصرف عن الظن ببقائه على ظاهره؛ لأن العمل بالشك في الأحكام الشرعية لا يجوز كما تقدم، لكنه قد عرض ذلك إذ (يضعف الظن) ببقائه كذلك ولا يقوى إلا بعد البحث (لكثرة المخصص في الشرع) حتى أنه قيل لا عام إلا مخصص إلا قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ١١}⁣[التغابن].

فرع: [مدة البحث عن المخصص]

  (كثر: ويكفي) في البحث عن المخصص وقوعه بحيث يغلب على النفس (ظن فقده) حيث صدر البحث (من مطلع) على مظانه.

  (الباقلاني) لا يكفي ذلك، (بل) لابد من القطع بفقده و (بنفيه).

  لنا: أن الواجب في الأحكام العمل فيها على العلم إن أمكن، وإلا فعلى الظن، والعلم طرقه منسدة لاتساع نطاق الإسلام وانتشار الأحاديث في الأقطار فما لأحدٍ سبيل إلى الوقوف منها على اليقين، وإذا أعوز اليقين وجب الرجوع إلى الظن الغالب.

  احتج: بأن العام متى كان مخصوصا لم تثبت حجيته في الشمول، ومهما لم يفتش