القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[القياس في الأسباب والنصب]

صفحة 461 - الجزء 1

  (قلنا:) إن الذي يمتنع إثباته بالقياس هو ما يعلم حكمه ضرورة لو ثبت، ولا نسلم أنهما من ذلك القبيل، ولو سلم فليست كذلك التفاصيل، والذي نُثْبِتُه منهما بالقياس هو ما كان

  من التفاصيل إذ لم نقل بذلك في جميع أحكامها، فالذي نُثْبِتُه فيه (ليس بأصل، فجاز) جري القياس فيه (كسائر الأحكام).

  قالوا ثانياً: في شرع الحدود والكفارات تقدير لا يعقل معناه كأعداد الركعات وأعداد الجلد، وتعيين ستين مسكينا مما لا سبيل إلى إدراك معناه.

  قلنا إن هذا إنما ينفعكم لو عم جميع أحكام الحدود والكفارات وليس كذلك، فإن منها ما يعقل معناه، ثم نحن لا نوجب القياس في كل حد وكفارة، بل لا نوجب القياس فيها وفي غيرها إلا فيما علم معناه.

  ونقول: إنَّه علم المعنى فيه فوجب القياس، كما قيس القتل بالمثقل على القتل بالمحدد، وقطع النباش على قطع السارق، فإن العلة والحكمة فيهما معلومتان، وأمَّا ما لا يعلم فيه المعنى، فلا خلاف فيه، كما في غير الحدود والكفارات، ولا مدخل لخصوصيتها في امتناع القياس.

[القياس في الأسباب والنصب]

  (مسألة:) هل يجري القياس في الأسباب؟

  بأن يجعل الشارع وصفا سببا لحكم فيقاس عليه وصف آخر، فيحكم بكونه سببا.

  وفي مقادير النصب بأن يجعل الشارع قدراً نصاباً لزكوي فيقاس عليه زكوي آخر، فيحكم بكون ذلك القدر نصاباً له، أيضا قد اختلف في ذلك.

  و المختار أنه كما يجري في الحدود (كذلك) يجري في (الأسباب والنصب).