القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[هل للمفتي أن يفتي بالحكاية عن غيره]

صفحة 617 - الجزء 1

  فنقول: لا نزاع في أنَّه يقال على كل منهما، إذا أريد بذلك أنه ليس بدعة، وإنما النزاع إذا أريد به غير ذلك.

  وفي الجوهرة أن أبا علي إنما يسمي بالدين من القياس ما كان واجبا.

  والقاضي يعمم فيسمي به ما (كان من القياس) فرض عين، وذلك حيث يتضيق استخراج حكم الحادثة منه، ولا يتمكن من ذلك غير واحد، أو كفاية حيث يتمكن منه أكثر من واحد، أو مندوبا حيث يُعْدَّ لما عسى أن يحتاج إليه، وكل منهما بناء على أصله في حقيقة الدين، هل هو فعل الواجبات أو الطاعات على ما ذلك مقرر في علم الكلام، وإنما قال أبو الهذيل بتلك المقالة بناء على أنه لا (يوصف بذلك إلا) الثابت (المستمر)، والقياس ليس كذلك، فلا يطلق عليه ذلك الاسم.

  (قلنا بل) الدين فعل الطاعات وترك المقبحات، فهو حينئذٍ (ما يسمى به العبد مطيعا) استمر أم لم يستمر، (ثم) أيضا إن الإجماع منعقد على أن (المندوب دين الله، و) هو (لا يجب استمراره)، فأنهار أصل أبي الهذيل الذي عول عليه، فبطل قوله لفساد ما أُستند إليه، وهو المطلوب، وقد يقدح في ذلك الاستدلال بأنه احتجاج بمحل النزاع، فإن كون الدين فعل الطاعات هو المتنازع فيه، اللهم إلا أن يقول إنه إنما اكتفى بذلك لظهوره بدليله في موضعه.

  واعلم أنه لا يتحقق للخلاف محل؛ لأنه يدخل تحت قول أبي الهذيل كما ذكر بعضهم الواجب منه لاستمراره، فالقول بأنه منع تسميته بذلك لقوله لا يوصف بذلك إلا المستمر ليس على ما ينبغي، وكذا لا معنى لعد بعض العلم مندوبا كما نبه على ذلك بعضهم بأن الدلالة على كون العلم من فروض الكفاية لم يفصل.

[هل للمفتي أن يفتي بالحكاية عن غيره]

  (مسألة:) هل للمفتي أن يفتي بالحكاية عن غيره أَوْ لا؟