القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الصنف الثالث: الترجيح بالمدلول]

صفحة 700 - الجزء 1

  الأمر وإنه محال عادة.

[الصنف الثالث: الترجيح بالمدلول]

  (مسألة: وأما) الصنف الثالث وهو (الترجيح بالمدلول) فهو يقع من وجوه:

  الأول: أن يكون مدلول أحدهما حظرا والآخر إباحة، (فالحظر) يقدم (على الإباحة)، ووجهه أن ملابسة المحظور توجب الإثم، بخلاف المباح فكان الأولى للإحتياط، ولهذا لو اجتمع في العين الواحدة جهة حظر وإباحة، كالمتولد بين ما يؤكل وما لا يؤكل قدم التحريم، وقال ÷ «ما اجتمع الحرام والحلال إلا غلب الحرام»⁣(⁣١) وقال ÷: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».

  (وقيل: بالعكس) فيقدم الإباحة على الحظر؛ لأنه لو قدم الحظر كان بمنزلة جعل المحرم متأخرا عن ورود المبيح ناسخا له فيكون المبيح المتقدم عليه في الورود إيضاحا للواضح وهو الجواز الأصلي، بخلاف ما إذا قدر وروده بعد المحرم وذهب أبو هاشم، وعيسى ابن أبان إلى التساوي والتساقط.

  قال سعد الدين ولم يذهب أحد إلى ترجيح الإباحة.

  إلا أن الآمدي قال يمكن ترجيح الإباحة.

  (و) الثاني: يقدم الحظر (على الندب) لمثل ما تقدم في الإباحة.

  (و) الثالث: يقدم الحظر على الوجوب؛ (لأن) الحظر لدفع مفسدة والوجوب


(١) قال الآمدى: غير أنه قد يمكن ترجيح ما مقتضاهُ الإباحة من جهة أخرى، وهي أنا لو علمنا بما مقتضاه الإباحةُ، فقد لا يلزمُ منهُ فواتُ مقصود الحظر؛ لأنَّ الغالب أنهُ إذا كان حراماً فلا بُدَّ أن تكون المفسدة ظاهرةً، وعند ذلك فالغالبُ أنَّ المكلف يكون عالماً وقادراً علي دفعها؛ لعلمه بعدم لزوم المحذور من ترك المباح؛ ولأن المباح مستفاد من التخيير قطعاً.

بخلاف استفادة الحرمة من النهي لتردُّده بين الحرمة والكراهة فكان أولى، وعلى هذا فلا يخفى وجهُ الترجيح بين ما مقتضاهُ الحرمةُ وما مقتضاه الندب. انتهى. الأحكام في أصول الأحكام للآمدى ص ٤٧٨ المجلد ٣/ ٤.