القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الاستثناء من الإثبات نفي والعكس]

صفحة 188 - الجزء 1

  يقولوا كذلك، لكن إنكار دلالة ما قام إلا زيد على ثبوت القيام لزيد يكاد يلتحق بإنكار الضروريات وإجماع أهل العربية لا يحتمل التأويل.

  قالوا: لا خفاء في أن مثل لا صلاة إلا بطهور، ولا نكاح إلا بولي، ولا ملك إلا بالرجال ولا رجال إلا بالمال ولا مال إلا بالسياسة إنما يدل على المستثنى منه مشروطا بالمذكور ولا يتحقق بدونه، وأما أنه يتحقق معه فلا، ولو كان الاستثناء من النفي إثباتا للزم الثبوت معه البتة.

  قلنا: لابد من تقدير أمر يتعلق به قولنا بطهور على أن يكون ظرفاً مستقرا صفة له، أي إلا صلاة بطهور، أو ظرفاً لغوا صلة له أي إلا باقترانها بطهور وذلك المتعلق هو المستثنى، وأما المستثنى منه فعلى الأول مذكور وهو النكرة المنفية وعلى الثاني محذوف وهو بوجه من الوجوه والاستثناء مفرغ.

  ولا نسلم أن قولنا لا صلاة إلا صلاة بطهور يقتضي صحة كل صلاة ملصقة بالطهور، بل لا يقتضي إلا صحة صلاة بطهور في الجملة، وكذا في الثاني لا يقتضي إلا ثبوت الصلاة عند الاقتران بالطهور في الجملة كما إذا وجدت سائر الشرائط.

  قال سعد الدين: وما يقال من أنا إذا قلنا بصحة الصلاة الملصقة بالطهور لزم عموم الحكم في كل صلاة كذلك لعموم النكرة الموصوفة بصفة مثل: لا أجالس إلا رجلا عالما ولدلالة الكلام على أن علة الصحة الوصف المذكور فضعيف؛ لأن الأول ممنوع أو مبني على الثاني والثاني مختص بما إذا كان الوصف صالحا للاستقلال بالعلة ولم يعارضه قاطع.

  وأنت تعرف أن الأنسب بهذه المسألة اللصوق بمسائل الاستثناء المتقدمة ونسب المسائل التي قبلها أن تكون في أوائل الباب وبالمسألة التي قبلهن أن تكون في أبْحَاث المبين الآتية في الباب الثاني وهي في شرحه آخر مسائل الباب ولا بأس بذلك مع أن الأمر في مثل هذا قريب ولا مشاحة فيه، وإن كان حُسن الترتيب