[النسخ شرعا]
  التأقيت ونحوه من أنواع التخصيص ليس فيه إزالة حكم بعد ثبوته في قصد الشارع لكن التصريح ودفع التوهم مما يقصد في الحدود؛ إلا أن ههنا بحثاً آخر وهو أن النسخ أيضا لا يتضمن الإزالة وإنما هو بيان انتهاء أمد الحكم إذ لم يقصد الشارع ثبوت الحكم المنسوخ أولاً ثم إزالته ثانياً، وإلا كان تناقضا بيناً وهو مستحيل في كلامه فإذن لا فرق بين التخصيص والنسخ بيد أن أحدهما في الأعيان والآخر في الأزمان وحينئذ يندفع ما يجري في كلام بعض الأصوليين من ترجيح التخصيص بأنه دفع على النسخ في بعض المواضع لأنه رفع؛ والدفع أهون من الرفع إذ لا رفع في أيهما وبهذا يظهر رجحان جواز نسخ القطعي بظني كما جاز ذلك في التخصيص على ما سيأتي.
  فإن قيل: إن الإزالة فيه حاصلة بالنظر إلى ظاهر اللفظ وما يسبق إلى فهم السامع، وإن لم تكن حاصلة بالنظر إلى ما في نفس الأمر.
  قلنا: وكذلك التخصيص، فإن قوله مثلاً: لا تقتلوا أهل الذمة عقيب قوله: أُقتلوا المشركين يقتضي ذلك.
  واعلم أن للعلماء في تعريف النسخ عبارات مختلفة.
  قال الجويني: هو اللفظ الدال على ظهور انتفاء شرط دوام الحكم الأول.
  ومعناه: أن الحكم كان دائما في علم الله دواما مشروطا بشرط لا يعلمه إلا هو، وأجل الدوام أن يظهر انتفاء ذلك الشرط للمكلف فينقطع الحكم ويبطل دوامه، وما ذلك إلا بتوقيفه إياه فإذا قال قولا دالا عليه فذلك هو النسخ.
  واعترض بأن اللفظ دليل النسخ لا هو وبأنه يدخل فيه قول العدل: نسخ حكم كذا وليس بنسخ ضرورة ويخرج عنه ما هو نسخ إذ قد يكون الناسخ فعله ÷.
  وقال الغزالي: هو الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم