[عدم جواز نسخ الإجماع]
  واعلم أن السنة في الاصطلاح: ما صدر عن الرسول ÷ غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير، فيشمل نسخ المتواتر بالمتواتر، والآحاد بالآحاد، والآحاد بالمتواتر، لا العكس لما سيأتي وسيجيء إن شاء الله تعالى أن الفعل لا يُنْسَخُ.
[عدم جواز نسخ الإجماع]
  مسألة: (ولا) يجوز أن (ينسخ الإجماع)، وذلك برفع الحكم الثابت به، وسياق المتن قاض بانعقاد الإجماع على ذلك.
  والحق أن المسألة خلافية، وأن ذلك إنما هو مذهب الجمهور، فذكر الإجماع على ذلك مجرد دعوى؛ لأن البرهان ناهض على بطلانها.
  لنا: لو نسخ فإما بنص قاطع أو بإجماع قاطع أو بغيره، وكل ذلك باطل.
  أما الأول: فلأنه يلزم أن يكون الإجماع على الخطأ؛ لأنه على خلاف القاطع وهو محال.
  وأما الثاني: فلأنه يلزم منه خطأ أحد الإجماعين المنسوخ أو الناسخ؛ لأنه على خلاف القاطع، وهو محال.
  وأما الثالث: فلأنه أبعد مما قبله؛ للإجماع على تقديم القاطع على غيره، فيلزم خطأ هذا الإجماع مع تقديم الأضعف على الأقوى، وهو خلاف المعقول.
  قالوا: لو اختلفت الأمة على قولين، فهو إجماع على أن المسألة اجتهادية يجوز الأخذ بكل منهما فإذا أجمعوا على أحد القولين إذ هو جائز كما سيأتي، بطل الجواز الذي هو مقتضى ذلك الإجماع، وهو معنى النسخ.
  قلنا: لا نسلم جواز ذلك؛ لأنه مختلف فيه، ولو سلم فلا يكون نسخا لما سيجئ أن الإجماع الأول مشروط بعدم الإجماع الثاني.