القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[نسخ الكتاب بالسنة المتواترة]

صفحة 255 - الجزء 1

  الشيء رفعه، ورفعه لا يكون بيانا له.

  وأجيب: بأن المعنى بالبيان التبليغ لأنه إظهار.

  ولو سلم فالنسخ أيضاً بيان لانتهاء أمد الحكم.

  ولو سلم فأين نفي النسخ؛ لأنه قد يكون مبينا لما ثبت من الأحكام ناسخا لما ارتفع منها ولا منافاة بينهما لكان أرجح وأصرح فيما ذكر وأوضح حجته قوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ ...} الآية [البقرة: ١٠٦]، والضمير لله فيجب ألا ينسخ إلا بما أتى به وهو إنما هو القرآن.

  قلنا: يصح ذلك وإن كان النسخ بالسنة؛ لأن القرآن والسنة جميعا من عنده قال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ٣ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ٤}⁣[النجم].

  مسألة: (أهل المذهب والمعتزلة وأبي حنيفة و مالك ويجوز نسخ السنة بالكتاب، ومنعه الشافعي) في أحد قوليه (وغيره).

  (لنا ما مر) من أنه حجة قاطعة فجاز كالكتاب بالكتاب؛ ولأن (القرآن أقوى) من السنة ولهذا قدمه معاذ فجاز نسخها به كنسخ الآحادي بالمتواتر.

  ولنا أيضًا: الوقوع، منه التوجه إلى بيت المقدس، وحرمة المباشرة بالليل، فإن كلا منهما إنما ثبت بالسنة فإنه ليس في الآيات ما يدل عليه ثم نسخ بالقرآن وهو قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}⁣[البقرة: ١٤٩] {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} .... {حَتَّى يَتَبَيَّنَ}⁣[البقرة: ١٨٧].

  لا يقال: يجوز أن يكون نسخ ذلك بالسنة ووافق القرآن، إذ لا نسلم أن نحو التوجه وحرمة المباشرة ثبت بالسنة، قولكم لأنه ليس في الآيات ما يدل عليها.

  قلنا: يجوز أن تكون الآيات الدالة عليها منسوخة التلاوة؛ لأنا نقول الأصل هو العدم، ولو أُعتد بمثل هذه الاحتمالات لأختل كثير من الأحكام.