القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[شروط قبول خبر الواحد]

صفحة 288 - الجزء 1

  قال ابن الحاجب وهي محافظة دينية تحمل على ملازمة التقوى والمروءة⁣(⁣١) ليس معها بدعة، فقوله دينية؛ ليخرج الكافر، وقوله على ملازمة التقوى احترازا عما يذم به شرعا، واحترز بالمروءة عما يذم به عرفا فيخرج الفاسق.

  ولم يقتصر على ذكر التقوى؛ لأنها تتعلق بالعمليات خاصة، فلا بد من نفي البدعة المتعلقة بالإعتقاديات، فلذا قال ليس معها بدعة ليخرج المبتدع، إذ هؤلاء ليسوا عدولا، إلاَّ أن في كون البدعي مخلا بالعدالة نظرا.

  ثم إن هذه لما كانت هيئة نفسية خفية، فلا بد لها من علامات لتحقق بها، وإنما تتحقق باجتناب أمور أربعة: الأول: الكبائر، الثاني: ترك الإصرار على الصغائر.

  قيل: ويرجع الإصرار إلى العرف وبلوغه مبلغا ينفي الثقة.

  الثالث: ترك بعض الصغائر وهو ما يدل على خسة النفس، ودناءة الهمة، كسرقة لقمة، والتطفيف⁣(⁣٢) بحبة.

  الرابع: ترك بعض المباح وهو: ما يدل على الخسة والدناءة، كاللعب بالحمام، والاجتماع مع الأراذل، والحرف الدنية كالدباغة، والحياكة، ممن لا تليق به من غير ضرورة تحمله على ذلك، فإن مرتكبها لا يتجنب الكذب غالبا.

  (و) منها وهو فيه أيضا رجحان (ضبطه) على عدم ضبطه، وذكره على سهوه، إذ مع المرجوحية والمساواة لا يترجح طرف الإصابة، فلا يحصل الظن.

  (و) منها (فقد استلزام متعلقه الشهرة لو كان) بمعنى أنه لو ثبت متعلقه


(١) قيل: والمروءة هي أن يسير بسيرة أمثاله في زمانه ومكانه، فلو لبس الفقيه القباء أو الجندي الجبة والطيلسان ردت روايته وشهادته. وقيل: هي أن يصون نفسه من الأدناس ولا يُهِينها عند الناس. وقيل: هي أن يتحرز عما يسخر منه ويضحك. قلت والتفسير الثاني أولى لعمومه. والله اعلم. (تمت من الكاشف لذوي العقول ص ٩٥ - ٩٦).

(٢) أي: والتطفيف في الوزن بحبة. تمت.