[الخبر الآحادي يكون مستند الإجماع]
  وقد يقال: لعله لم يتواتر لهم أو لبعضهم، ولو سلم، فلعل في القرآن ما دلالته على ذلك قطعية فيكون هو السند، ولو سلم، فإنَّ ما دلالته قطعية وإن كان سنده ظنيا أولى بالاعتبار عند جهابذة النظار من العكس.
  وأما إذا لم يتواتر لنا، فقد اختلف فيه.
  فذهب (أبو هاشم) إلى القطع بذلك (ولو لم يتواتر من بعدهم).
  فإن قلت: أنَّا يحصل(١) القطع بأنه المستند حيث لم ينقل إلينا تواتره بينهم إلا من طريق الآحاد، وخبر الواحد لا يثمر العلم، فضلاً عما يبنى عليه.
  (قلت: لعله أراد) ذلك وذهب إليه فرضا و (تقديرا لا تحقيقا)، بمعنى أنا إذا فرضنا أنه تواتر للمجمعين ما نقل إلينا آحادا فإنا نقطع بأنه مستندهم على جهة الفرض، لا على جهة التحقيق.
  وذهب (أبو عبدالله البصري) إلى أنه إن لم يتواتر لمن بعدهم، فإنا (لا) نقطع أنهم أجمعوا لأجله، (إذ إجماعهم لأجله يستلزم تواتره إلينا).
  (قلنا: لا نسلم) أنه يستلزمه، لجواز الإستغنى بنقل الإجماع عن نقله.
  وقد يقال: إنه إنما اعتبر ذلك في حصول العلم بأنهم أجمعوا لأجله لا في ثبوت إجماعهم لأجله، وأبو هاشم إنما لم يشترط التواتر إلينا بالنظر إلى وقوع الإجماع لأجله، فيرتفع محل النزاع.
[الخبر الآحادي يكون مستند الإجماع]
  (مسألة: أبو عبدالله البصري فأما الخبر الآحادي إذا أجمع على موجبه فلا قطع
= عن نقل ذلك الخبر. إلا أن يتواتر إلينا أنهم نصُّوا على أنهم أجمعوا لأجله وأنهم كانوا متنازعين ومتوقفين حتى رُوي لهم الخبر فأرتفع النزاع والتوقف لأجله وعملوا بموجبه، قطعنا بذلك. قلت: وكلامه قوي.
(١) بمعنى: كيف يحصل القطع بأنه المستند. تمت.