[الخلاف في جواز التعليل بالقاصرة]
  التعليل بالعلة بدليل صحة المنصوص عليها اتفاقا، وإن لم يثمر النص إلا الظن، فلو كان معنى التعليل القطع بأن الحكم لأجلها لما جاز ذلك.
  أيضا قالوا: لو كانت العلة القاصرة صحيحة لكانت مفيدة لأن إثبات ما لا فائدة فيه لا يصح شرعا ولا عقلا، لكنها غير مفيدة؛ لأن فائدتها منحصرة في إثبات الحكم بها، وهو منتف؛ لأن الحكم في الأصل ثبت بغيرها من نص أو إجماع، والمفروض أنه لا فرع.
  قلنا: لا نسلم حصر الفائدة في معرفة الحكم بل ههنا فائدتان أخرتان:
  إحداهما معرفة الباعث المناسب فإن الحكم إذا عرف كذلك كان أقرب إلى القبول والإذعان من التعبد المحض.
  وثانيتهما: أنه إذا قدر وصف آخر متعد وقد علمت قاصرة جاز أن تكونا جزئي العلة، فلا تعدية، وأن يكون كل مستقلة فيحصل التعدية، وإذا جاز الأمران، فلا تعدي، إلا بدليل يدل على كونه مستقلا لا جزأً.
  قولك: الاستقلال يترجح بأن الأصل في العلة التعدي لكثرة فائدتها والاتفاق على صحتها.
  قلنا: معارض بأن اجتماع العلتين مختلف فيه، ولو سلم فالأصل عدمه.
  (مسألة:) ولا يعلل الأصل بجميع أوصافه عند الجمهور واختلف في الوجه لذلك.
  فذهب (أبو عبدالله البصري وأبوالحسن الكرخي) إلى أنه إنما كان لا يجوز (ولا يصح تعليل الأصل بجميع أوصافه لتأديته إلى) قصور العلة (وقصرها) على الأصل؛ لأن جملتها لا توجد في الفرع فيؤدي ذلك إلى أن العلة لا تعدى عن الأصل وكذا الحكم إذ تعديته فرع تعديها، فلو علل مثلا حرمة الخمر بأوصاف الخمر ومن جملتها كونه معتصرا من العنب لما وقع تعد إلى سائر (المسكرات) لعدم