القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الجنس الأول:]

صفحة 534 - الجزء 1

  وأما الغرابة فمثالها أن تقول في الكلب المعلم يأكل من صيده: إيل لم يرض فلا تحل فريسته كالسيد، فيقال ما معنى الإيل، وما معنى لم يرض، وما الفريسة، وما السِّيْد.

  واعلم أن المعترض مع أنه لا يكلف بيان التساوي فلو التزمه تبرعا فقال: وهما متساويان لأن التفاوت يستدعي ترجيحا بأمرٍ والأصل عدم المرجح لكان جيدا وفاء بما التزمه أولاً.

  والجواب عن الإستفسار ببيان ظهور اللفظ في مقصوده فلا إجمال، ولا غرابة، وذلك، إما بالنقل عن أهل اللغة، وإما بالعرف العام، أو الخاص، أو بالقرائن المضمومة معه.

  مثال ذلك في الإجمال: أن يستدل بقوله تعالى: {حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}⁣[البقرة: ٢٣٠]، فقيل له ما النكاح فإنه يقال للوطء لغة وللعقد شرعا، فيقول هو ظاهر في الوطء لانتفاء الحقيقة الشرعية، أو في العقد لهجر الحقيقة اللغوية، أو قرينة الإسناد إلى المرأة تعين العقد فإن لفظ النكاح بمعنى الوطء لا يسند إلى المرأة فقرينة الإسناد تعين كونه للعقد، وعلى هذه التقادير فقد منع الإجمال وكذا يكفي في دفع الإجمال، لو قال وقرينة الإسناد إلى المرأة تعين أحدهما وإن لم يكن كافيا في مقصود المستدل.

  وقيل: ينضم إليه مقدمة أخرى وهو أنه لما لزم ظهوره في أحدهما وليس بظاهر فيما عدا مقصود المستدل اتفاقا تعين ظهوره فيه فإن عجز المستدل عن ذلك كله كما في مثال المختار فالتفسير فيقول المراد الفاعل القادر.

  مثال ذلك في الغرابة إذا قال في قبلة الصائم مبدأ مجرد عن الغاية فلا يفسد كالمضمضة فيقال: ما المبدأ وما الغاية، فإنه ليس من موضوعات اللغة ولا اصطلاحات الفقهاء وإنما هو من اصطلاح الفلاسفة، فإنه يسمى السبب مبدأ