القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[حقيقة التقليد]

صفحة 584 - الجزء 1

  وتقديره أن المجتهد قد يحصل له في بعض المسائل ما هو مناط الاجتهاد من الأدلة دون غيرها، فإذا حصل له ذلك، فهل له أن يجتهد فيها أَوْ لا؟، بل لابد أن يكون مجتهدا مطلقاً، عنده ما يحتاج إليه في جميع المسائل من الأدلة.

  (و) المختار أنه (يصح تجزي الاجتهاد في فن، دون فن ومسألة دون أُخرى)، وذلك (لجواز إطلاع القاصر) عن مرتبة الاجتهاد الكامل (على أمارات مسألة لا تعلق) تلك المسألة إلا بتلك الأمارات، لا (بغيرها على حد اطلاع المجتهد فيستويان) في تلك المسألة، وكونه لا يعلم أمارات غيرها لا مدخل له فيها فإذن يجوز له الاجتهاد (في استنباط حكمها) كما يجوز لغيره.

  وقد يقال: لا نسلم أنه وغيره سواء، فإن فرض الإطلاع على أمارات المسألة في مجتهدها، وأمارات جميع المسائل في المجتهد المطلق، إنما يكون بحسب ظنه، ففي مجتهد المسألة المطلع على أمارات البعض يقوى احتمالُ أن يكون في جملة ما لا يعلمه ما يكون له تعلق بتلك المسألة، فيقدح في ظنه الحكم، فلا يجب العمل به، بخلاف المجتهد المحيط بالكل بحسب ظنه، فإن ذلك الاحتمال يضعف عنده، أو ينعدم بالكلية فيبقى ظنه بالحكم بحاله.

  وأنت تعلم أن الأنسب للإيجاز حذف فن دون فن، وكذا لا تعلق بغيرها، لأنه إنما يفيد التأكيد لعموم الجمع المضاف.

  (وقيل: لا) يصح تجزيه، وذلك (لجواز تعلقها بما لا يعلم)، فكلما يُقَدَّر جهل المطلع على أمارات البعض به، يجوز تعلقه بالحكم المفروض، فلا يحصل له ظن عدم ما يكون مانعا من الحكم الذي هو مقتضى القدر الذي يعلمه من الدليل، فلا يجوز له الاجتهاد.

  (قلنا: خلاف الفرض) فإن المفروض حصول جميع ما هو أمارة في نفي تلك المسألة وإثباتها في ظنه، إما بأخذه عن مجتهد وليس حصول الأمارة بطريق الأخذ