(فصل:) [في الترجيح وكيفيته عند تعارض الأدلة]
  القوم لا جرم عرفناه بأنه اقتران الأمارة بما به تقوى على معارضتها (فيجب العمل) بأقوى الأمارتين وهو (تقديمها) عند حصول الترجيح (للقطع عنهم بإيثار الأرجح) فإنه فهم إيثاره من الصحابة وغيرهم، وعلم قطعهم به بتكرره في الوقائع المختلفة التي لا حاجة إلى تعدادها لكونه معلوما قطعا، لمن قَبَّس عن مجاري اجتهادهم.
  واعترض عليه بشهادة أربعة مع شهادة اثنين إذا تعارضتا، فإن الظن الحاصل بالأربعة أقوى من الحاصل بالإثنين، فكان يجب أن يقدم ولا تقدم.
  وأجيب بالتزام تقديم شهادة الأربعة عند التعارض لأنه مختلف فيه، وبالفرق بين الشهادة، والدليل فليس كل ما تترجح به الأدلة ترجح به الشهادة، لما ستقف عليه من وجوه غير محصورة من الترجيح للأدلة، لا ترجح بها الشهادة.
  وقيل: وجه الفرق أن المقصود من الشهادة فصل الخصومات، وضبطه بنصاب معين، فاعتبار الكثرة فيها يفضي إلى نقيض الغرض، وتطويل الخصومات بخلاف الأمارة، فإن المقصود منها الظن بالأحكام، فكلما كان الظن أقوى كان بالاعتبار أولى من غير ضرورة إلى اعتبار ضبطه.
  (مسألة:) الدليلان إما قطعيان، أو أحدهما قطعي والآخر ظني، أو هما ظنيان.
  (ولا تعارض في قطعيين)(١) لاستلزام ذلك كما علمت اجتماع النقيضين إن عمل بهما معا، أو ارتفاع النقيضين، إن أهملا معا، أو التحكم إن عمل بأحدهما دون الآخر(٢).
(١) كدليل إثبات الرؤية ونفيها، إذ يستحيل احتمال ثبوت أمر وانتفائه، فلا بد أن يكون أحدهما باطلاً. (تمت منهاج الوصول ص ٨٤٨).
(٢) لأن الكلام في تعادل المتعارضين وهما نقيضان، فلو وجدا الثبت مقتضاها. ح غ /٢/ ٦٨٨.نقلاً من حاشية الكاشف لذوي العقول ص ٢٤٢.