أمالي الإمام أحمد بن عيسى،

محمد بن منصور المرادي (المتوفى: 290 هـ)

أبواب الصيد

صفحة 408 - الجزء 2

  ابن عباس أنه كان يقول: لا يؤكل ما أكل الكلب المعلم من صيده، فإنه إنما أمسك الصيد إذا أكله على نفسه لا على مرسله، فظننت أن ابن عباس تأول في ذلك قول الله ø: {فَكُلُواْ مِمَّآ أَمۡسَكۡنَ عَلَيۡكُمۡ}⁣[المائدة ٤] فكان عند ابن عباس أكله له غير إمساك منه على من أرسله، والمذكور والمشهور أن عدي بن حاتم وأبا ثعلبة الخشني سألا رسول الله ÷ عن الكلب المعلم يأكل من صيده؟ فأمرهما بأكل فضله، وقال أصحاب رسول الله ÷ كلهم إلا ابن عباس: «كُلْ فضلَ الكلب المعلم وإن لم يبق منه إلا بضعة من اللحم».

  قال: وذكر أن طاووس كان يقول: ليس الصقور ولا الفهود ولا النمور من الجوارح التي أحل الله أكل ما أكلت من صيدها. وقال غيره: هذه كلها كالكلاب في صيدها.

  وقال قاسم: لا يؤكل صيد الصقر والبازي والفهود إلا ما أدركت ذكاته؛ لأن الله ø يقول: مكلبين ولم يقل مصقرين، قال أبو جعفر في الجوارح من الكلاب والبزاة والصقور والفهود: كلها⁣(⁣١) سبيلها سبيل واحد في نفس الصيد غير أنه يختلف في التعليم والأدب، فالكلاب⁣(⁣٢) إنما تعلم تؤدب لئلا تأكل، وكذلك بلغنا عن النبي ÷ فإذا أكل الكلب المعلم من صيده فلم يقبل الأدب، ولم يحفظ التعليم، فلا تأكل إلا ما أدركت ذكاته، وأما الباز والصقر فإنما يعلمان يؤدبان أن يجيبا إذا دعيا فإذا هو دعي فأجاب فقد قبل التعليم فكل من صيده والفهد بمنزلة الكلب.


(١) في (أ، ج، د، وهامش ب): كل سبيلها واحد.

(٢) في (أ، هـ): والكلاب.