أمالي الإمام أحمد بن عيسى،

محمد بن منصور المرادي (المتوفى: 290 هـ)

بداية علم الحديث عند الزيدية

صفحة 20 - الجزء 1

  وأورد فيه (١/ ٤٧) عن مالك بن أنس ما لفظه: أنه دخل على أخته فوجد ابنيها وهما أبو بكر وإسماعيل ابنا أبي أوس وهما يكتبان الحديث فقال لهما: «إن أردتما أن ينفعكما الله بهذا الأمر فأقلّا منه وتفقّها» ولقد جاء عن شعبة أنه قال لِكَتَبَةِ الحديث: إن هذا الحديث يصدّكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون. اهـ

  هذا أولاً، ثم نقول لهم: إن قبول الأخبار النبوية والجرح والتعديل للرواة يجب أن يكون مبنياً على أُسُسٍ وقواعد ثابتة بأدلة عقليّة أو نقلية يقينيّة؛ فما كان هكذا فهو المقبول، وأما ما كان تأصيل قواعده وتثبيت أركانه عن طريق مسايرة السلطان، والميل إلى الانتصار للمذهب الرسمي والتوجه السياسي، والتصنيف لإرضاء الخلفاء والولاة، ومدح وتعديل من يتبعهم، والجرح والتشويه لمن ناواهم، والمصادرة والنسف لكل ما اعترضهم، واعتماد التهويل والتشنيع، والإعلام والإرجاف لإبطال ما جاء به خصومهم - فلا ينبغي الاعتماد عليه، وجعله الركيزة الأساسية لمعرفة السنة الصحيحة الخالية عن الدس والتشويه.

  ونقول أيضاً لهؤلاء وأمثالهم: إن الزيدية لم تطمئِنّ إلى قواعدكم التي بنيتم منهجكم الحديثي عليها؛ لما فيها من الحيف الذي يبعث على الريبة من مصداقيتها، ونحن نوجِّه هذه الأسئلة ليطّلع عليها القارئ ويمعن النظر فيها عَلَّهُ يحكم بعقل سالم عن مخالطة الهوى فنقول:

  من أين لكم أن توثِّقوا من عاصر النبي ÷ ورآه، ولو بَدَرَ منه ما بدر من الفسق والخروج عن الدين؛ مع أن الله تعالى يقول: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ}⁣[الحجرات: ٦]، وهي نازلة أولاً وبالذات فيمن عاصر النبي ÷؟!

  ومن أين لكم قبول من قال فيه أئمة أهل الجرح والتعديل: «فلان ثقة» وإذا فتَّشْنا عن هذا الثقة وجدناه ممن قاتل أمير المؤمنين # أو لعنه أو أبغضه،