أمالي الإمام أحمد بن عيسى،

محمد بن منصور المرادي (المتوفى: 290 هـ)

بداية علم الحديث عند الزيدية

صفحة 21 - الجزء 1

  وقد قال النبي ÷ في علي: «لا يحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق»، فهل هذا جدير بالرواية عنه؟ أم أنه يحق لنا أن نحذر من أحاديثه؟!

  ومن أين لكم أن تجرحوا من قال فيه علماء الجرح والتعديل: ليس بشيء، لا يساوي فلساً، متروك الحديث، لا يُتَابَع ... إلخ ألفاظهم؛ فإذا فتّشنا عن سبب ذلك وجدنا أنه روى حديثاً في حبّ أهل البيت $ أو مكانتهم، أو أنه كان يقدِّم علياً # على عثمان! وأما إذا قدّمه على أبي بكر أو عمر فإنها الكارثة فتجدهم يرمونه بأشد المطاعن! ولا يرفعون رأساً لحديثه؟

  وبالمقابل إذا كان الراوي يلعن علياً # أو يبغضه أو ممن قاتله رأيتهم يتأوّلون له بأنه كان صدوقاً في الحديث، يعني: فلا تضرّه هذه الوصمة! مما يعني: أن حديث النبي ÷ في مبغض علي # أنه منافق - ليس جرحاً له أهميته، ولا يلقون له بالاً! أما لو كان القائل: «فلان منافق» هو ابن معين أو أحد مشائخهم فإنهم هنا سيتركون الرواية عن هذا المجروح ويحذرونه ويحذِّرون منه!

  وسيرى المطّلع على التاريخ وأحوال كثير من رجال الحديث بل من أئمتهم من سلفهم أن منهم من كان من أشدّ أعوان سلاطين الجور والمتولّين لهم الأعمال الهامة، وإذا أنصفنا فإن هذه الصفة هي صفة العلماء الذين حذّر منهم النبي ÷، لا صفة من يجب اتباعهم والأخذ بأقوالهم، ولكنّ كثيراً من أهل الحديث لا يرفعون لهذا التحذير النبوي رأساً!

  وبهذا يتضح لك أخي القارئ المنصف أنهم عكسوا القضية، فجرحوا من عدَّله الله ورسوله ÷، وعدَّلوا من جرحه الله ورسوله.

  قال السيد محمد بن عقيل في كتابه (العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل) في كلام له في المقدمة: «فقرأتُ شيئا من كتب أهل الجرح والتعديل، فلمحت فيها بعض ما يوجب العتاب - والعتاب من