تراجم رجال الكتاب
  قالوا: نسأله ذلك، فأتوه وسألوه إيّاه، فقال: لا والله لا آذن له أبداً، ويحكم ألا تنتهون؟ هذا والله محتال. فقالوا له: لا والله ما هو بمحتال. فلم يزالوا به حتى أجابهم إلى أن تلقّاه، فلما كان الليل قال لأحمد بن عيسى: قم فاخرج إلى موضع آخر، فإن ابتليتُ سَلِمْتَ أنت، فخرج أحمد، وبعث ابن الكردية إلى أحمد بن الحارث الهلالي، وكان أمير البصرة يأمره أن يبعث بالرجال إليه ليهجموا عليه حيث يدخل، ومضى هو حتى أتى الدار، وبعث بغلامه حتى جاء معه بالرجال فهجموا على حاضر، فقال لابن الكردية: ويلك غررتني بالله. قال: ما فعلتُ؟! ولعلّ السلطان أن يكون قد بلغه خبرك؛ فأُخِذَ فأتى به محمد بن الحارث فحبسه ليلته، فلما كان من غد اجتمع الناس إليه، وأمر من أتاه بحاضر فجيء به فقال له: اتقِّ الله في دمي، فو الله ما قتلتُ نفساً، ولا أخَفْتُ السبيل، فسمعته يقول: جاءوا بحاضر ولا أعلمه صاحبي الذي كان يجالسني، ويذكر أنه مستتر من غرمائه، فأُدْخِل عليه، فخشيت أن يلحقني ما لا أحبّ، فنظر إليّ نظرة فتوقّعْتُ أن يكلمني أو يستشهدني كما يفعل المستغيث فما فعل من ذلك شيئاً، إنما لحظني لحظة ثم حوّل وجهه عني كأنه لم يعرفني قط، فقال له محمد بن الحارث: إن أمير المؤمنين غير متّهم عليك، فحمله إليه. فأتى به هارون الرشيد وهو في الشماسية، فأحضره وأحضر الحازمي رجلاً من ولد عبدالله بن حازم، وكان قد أخذ له بيعة ببغداد فوقعت في يد الرشيد فبدأ به، ثم قال: جئتَ من خراسان إلى دار مملكتي تفسد عليّ أمري وتأخذ بيعة؟ قال: ما فعلت يا أمير المؤمنين. قال: بلى والله قد فعلت، وهذه بيعتك عندي، والله لا تبايع أحداً بعدها، ثم أمر به فأقعد في النطع وضرب عنقه. ثم أقبل على حاضر فقال: هيه صاحب يحيى بن عبدالله بالجيل، عفوتُ عنك وأمّنْتُكَ، ثم صرتَ تسعى عليّ مع أحمد بن عيسى تنقله من مصر إلى مصر، ومن دار إلى دار كما تنقل السنور أولادها، والله لتجيئني به أو لأقتلنّك. قال يا أمير المؤمنين، بلغك عني غير الحق. قال: والله لتأتيني به أو