الروض الباسم في فقه الإمام القاسم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

(20) مسألة: في البزاق والمخاط يصيب الثوب والجسد

صفحة 102 - الجزء 1

  ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ}⁣[التوبة: ٢٨]، وهو في النجاسة كالدم المسفوح الكثير، وكالميتة ولحم الخنزير، وإن أصاب شيء من ذلك كله من المشرك أو غيره جسد مسلم أو ثوبه، أو مصلي مسلم اور مسجده، فبان في شيء من ذلك قذر او نتن، ظاهر مبيَّن، غسل ذلك وطهّرَه، كما يغسل البول والعذرة، وإن لم يَبِن من ذلك أثر، ولم يظهر به قذر، ولا نتن، كان كما لم يكن، وكما يبقى من ماء الغُدران، وما يكون في الأودية من ماء الأمطار، الذي يكون فيه الدم المسفوح الكثير، والميتة والجيف ولحم الخنزير، فلا يتبين في الماء أثر، ولا يظهر فيه نتن ولا قذر، فلا بأس بشربه، ولا في الوضوء به، لأن اسم الماء لازم له، وقد قال الله سبحانه: {مَآءٗ طَهُورٗا ٤٨}⁣[الفرقان: ٤٨]، وما لزم الماء اسمه، كانت له طهارته وحكمه، وقد ذكر ان رسول الله ÷ (كان يتوضأ من بئر بالمدينة يقال لها بضاعة، وكان يلقى فيها الميتة والجِيَف وخِرَق الحيضة)⁣(⁣١)، لأنه لا يبين في البير، شيء من النتن والأقاذير، وكذلك ما مس المشرك أو لباسه، من ماء مسلم أو ثيابه، فليس على المسلم غسله ولا تطهيره، إلا أن يبين نتنه وقذره ويغيره، ولا ينبغي لمسلم أن يمس المشرك جسداً أو لباساً، لأن الله جعل المشركين انجاساً، وليس ينبغي أن يمس المسلم ولا يلمسه، وقد ذكر عن بعض السلف الماضين منهم الحسن بن أبي الحسن البصري، أنه كان يتوضأ من مصافحة اليهود والمجوس والنصارى، ولسنا نحن نوجب ما أوجب الحسن⁣(⁣٢).


(١) أخرجه أبو داود: ١/ ١٧ (١٦)، والترمذي: ١/ ٩٧ (٦٧)، والنسائي في المجتبي: ١/ ١٧٤ (٣٢٧)، وابن ماجة: ١/ ١٧٢ (٥١٧٩، واحمد: ٣/ ١٥ (١١١٣٤)، وابن حبان: ٤/ ٥٧ (١٢٤٩) وغيرهم.

(٢) مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم: ٢/ ٦٢٥ - ٦٢٦، رقم (٢١٢).