الروض الباسم في فقه الإمام القاسم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

(114) مسألة: في الغسل من الاحتلام ومن غشي أهله فأكسل ولم يمن

صفحة 162 - الجزء 1

(١١٤) مسألة: في الغسل من الاحتلام ومن غشي أهله فأكسل ولم يمنِ

  قال الإمام القاسم #: ومن اجتنب في منامه، حتى يمني مما رأي في احتلامه، وجب عليه من ذلك الغسل في إمنائه ما يجب على اليقظان في إنزاله لمائه، ومن كان نائماً فلم ينزل ولم يمن، أجزأه في ذلك كله من الوضوء ما يجزي كل متوضِ، فإن غشي أهله فأكسل ولم يمن، لزمه الغسلُ في ذلك كما يلزمه في الإمناء سواء، لقول رسول الله ÷: «إذا التقى الختانان وجب الغسل»، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغۡتَسِلُواْۚ}⁣[النساء: ٤٣]، والجنب فإنما هو الممني، المعرض لإمنائه عن أهله المنتحي، ألا تسمع كيف يقول الله سبحانه: {وَٱلۡجَارِ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ}⁣[النساء: ٣٦]، والجار الجنب، فهو القاصي المنتحي بغير ما مرية ولا كذب، لا يمُتُّه بقربى وهي في الرحم ماسة، والاجناب فهو ما ذكره الله سبحانه من الملامسة، لأن الله سبحانه يقول تبارك وتعالى في هذه الآية ما يدل على أنها الإجناب بغير شك ولا مرية: {وَإِن كُنتُم مَّرۡضَىٰٓ أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوۡ جَآءَ أَحَدٞ مِّنكُم مِّنَ ٱلۡغَآئِطِ أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا فَٱمۡسَحُواْ بِوُجُوهِكُمۡ وَأَيۡدِيكُم مِّنۡهُۚ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ حَرَجٖ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمۡ وَلِيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٦}⁣[المائدة: ٦]. ولو لم يكن الاجناب هو ملامسة النساء، لما احتيج في هذه الآية إلى ذكر وجود الماء، فقال سبحانه: {فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا}، وطيب الصعيد لا يكون قذراً ولا قشباً.

  وسواء احتلم فامنى في احتلامه، أو لامس النساء فأمنى في غير منامه، ومن اغتسل في إكساله، لم يكن مذموماً على اغتساله⁣(⁣١).


(١) كتاب الطهارة، ضمن مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم: ٢/ ٥٠٣ - ٥٠٤.