الروض الباسم في فقه الإمام القاسم،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

(117) مسألة: التيمم من خشية الضرر أو الهلاك

صفحة 167 - الجزء 1

  مَآءٗ} ومن حضرته الأشياء فوجد لها وإن غلت ما يشتريها به من الأثمان، فهو لها واجد غير شك فيما يعرف من معلوم اللسان، إلا أن يكون ذلك يُحل بماله إجحافاً، أو له في بدي ما معه من طعام أو مثله إتلافاً، فلا يكون له الإتلاف والإجحاف بنفسه في ذلك، لأنه يعود في تلك لو فعلها بنفسه إلى ما نهي لها عنه من القتل والمهالك، وإلى ما لم يرده الله تبارك وتعالى له من الحرج والعسر، وإلى خلاف ما أراد الله سبحانه بعباده من التخفيف واليسر، قال الله سبحانه: {يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ} ... [البقرة: ١٨٥]، وقال في آية الوضوء نفسها: {مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ حَرَجٖ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمۡ}⁣[المائدة: ٦].

  وقال سبحانه فيما فرض على الأموال من النفقات، وما حدد من ذلك تحديداً من أحكامه المفصلات: {وَيَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ قُلِ ٱلۡعَفۡوَۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ}⁣[البقرة: ٢١٩]. والعفو من الأموال كلها، فهو ما لم يكن فيه الإجحاف بها، وليس قول من قال: لا يشتريه إذا غلا، قولاً يجد له من أنصف أصلاً. ألا ترى أنه إن زال عنه شراه لغلائه، لم يكن يجب عليه وإن حضر شيء من شرائه، وهم يوجبون عليه إذا رخص شراه ويرونه بذلك واجداً للماء، وهذا فهو الأصل فيما أوجبنا عليه من شرائه في الغلاء، ولما حددنا من قولنا في الطهارة فروع كثيرة متفرعة، وهي كلها وإن كثرت - والله محمود - فيما بيَّنا من أصولها مجتمعة⁣(⁣١).


(١) كتاب الطهارة، ضمن مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم: ٢/ ٥١٣ - ٥١٤.