القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[هل النهي يقتضي فساد المنهي عنه]

صفحة 115 - الجزء 1

  (أبو الحسين⁣(⁣١) والغزالي⁣(⁣٢) وابن الخطيب) لا يقتضي فساد المنهي عنه بوضعه.

  وأما في الشرع فإنه يختلف حاله بحسب ما يتعلق به فيدل على الفساد، و (يقتضيه في العبادات) و (لا) يقتضيه (في المعاملات⁣(⁣٣)).

  (لنا:) أن (معنى كون الشيء فاسداً) عدم ترتب ثمراته وآثاره عليه، وهذا يتناول الفساد في العبادات والمعاملات، ولك أن تقول معناه (أنه لم يقع موقع الصحيح في) خروج فاعله بذلك عن عهدة الأمر، أو (سقوط القضاء) على ما ذكره القاضي، وهذا يختص بالعبادات، (و) لم يقع موقعه في (اقتضاء التمليك) وكمال التصرف، وهذا يختص المعاملات.

  (و) إذا تقرر ذلك، فالمعلوم أن (المنهي عنه قد يقع صحيحا، كطلاق البدعة والبيع وقت النداء، فلا يكفي النهي في اقتضاء الفساد)، وإلا لما صح ذلك الطلاق والبيع، (بل لابد من دليل) خارجي يدل عليه.

  ولنا أيضًا: أن النهي إنما يدل على الزجر، إذ لو دل على الفساد لكان مناقضا للتصريح بصحة المنهي عنه، وهو لا يناقضه؛ لأنه يصح أن يقول: نهيتك عن الربا ولو فعلت لعاقبتك، لكنه يحصل به الملك، وللخصم أن يقول إني لم أَدَّعِ أن المنهي


(١) أبو الحسين البصري: هو محمد بن علي الطيب. صاحب كتاب المعتمد في أصول الفقه.

توفي عام (٤٣٦ هـ/ ١٠٤٤ م). تمت نقلاً من حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٢١٢.

(٢) الغزالي: الإمام أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الشافعي المعروف بالغزالي أبو حامد أصولي، فقيه، صوفي.

ولد في ضاحية غزالة بمدينة طوس عام (٤٥٠ هـ)، وتوفي فيها سنة (٥٠٥ هـ).

من تصانيفه كتاب الأربعين في أصول الدين، المستصفى في أصول الفقه، تهافت الفلاسفة، معيار العلم في المنطق. (تمت نقلاً حاشية شرح العضد ص ١٢).

(٣) لا لغة ولا شرعاً. وَمَحَلُّ الخلاف هو النهي عما أمر به الشارع أو ندب إليه، أو أباحه، إذ لا معنى للفساد، وعدمه في النهي عن الربا وغيره. (تمت حاشية المعيار - نقلاً من حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول. ص ٢٩٨).