[دخول الرسول في الألفاظ التي للعموم]
  وقال (الحليمي(١)، والصيرفي(٢)) مفصلين يدخل في ذلك، (إلا أن يكون) الخطاب (معه) في أوله، (قل) فإنه لا يدخل حينئذٍ نحو: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ}.
  لنا: إن الصحابة فهموا دخوله ÷ في العمومات، ولذلك إذا لم يفعل بمقتضى ما ورد بلسانه من ذلك، سألوه ÷ عن الموجب، وذكر موجب التخصص له، وذلك تقرير منه لدخوله ÷ فيها.
  ومثال ذلك: ما روي أنه ÷ أمر أصحابه بنسخ الحج إلى العمرة فقالوا أمرتنا بالنسخ، ولم تنسخ فلم ينكر عليهم ما فهموه، من دخوله في ذلك بل عدل إلى بيان الموجب، فقال: إني قلدت هدياً، وإذا كانوا يفهمون من أمر الرسول لهم دخوله فيه، فمن أمر الله الوارد بلسانه أولى، وإذا وجد مثل ذلك في الخطابات المصدرة بلفظ قل، انتهض على الحليمي ومن معه.
  قالوا: إنه ÷ آمر أو مبلغ، فإن كان آمراً، فلا يكون مأموراً؛ لأن الواحد بالخطاب الواحد لا يكون آمراً ومأموراً معاً، وإن كان مبلغاً فلا يكون مُبَلَّغاً إليه، لمثل ما ذكرناه.
  فإن قيل: قد يكون آمراً مأموراً من جهتين.
  قلنا: الآمر أعلى مرتبة من المأمور، فلا بد من المغايرة، وكذلك لا يستقيم أن يكون مُبَلِّغِاً مُبَلَّغَاً إليه من جهتين؛ لأنه لابد أن يكون وصول الخطاب إلى المبلغ قبل وصوله إلى المبلغ إليه، وهذا في الواحد محال، وإن تعددت جهاته، وهو ظاهر.
(١) الحليمي: هو أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم النجاري الجرجاني. توفي عام (٤٠٣ هـ/ ١٠١٢ م). فقيه شافعي قاض، صاحب [المنهاج في شعب الإيمان]. (تمت من حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٣٢٠).
(٢) الصيرفي: محمد بن عبدالله البغدادي. أحد شراح الإمام الشافعي، توفي عام (٣٣٠ هـ/ ٩٤٢ مـ). (تمت من حاشية منهاج الوصول إلى معيار العقول ص ٣٧٤).