القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[ورود المطلق والمقيد في حكمين مختلفين]

صفحة 149 - الجزء 1

  غيره، اللهم إلا في مثل: أن يقول إن ظاهرت فاعتق رقبه ويقول لا تملك رقبه كافرة فإنَّه يقيد المطلق بنفي الكفر، وإن كان الظهار، والملك حكمين مختلفين اتفاقاً لتوقف الاعتاق على الملك، وهذا أوضح.

  (فإن اختلف السبب وأتحد الجنس كرقبتي الظهار والقتل) فإنه أطلق في كفارة الظهار فقال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}⁣[النساء: ٩٢] وقيد في كفارة القتل فقال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ}⁣[النساء: ٩٢] فالجنس واحد وهو الكفارة، والسبب مختلف وهو الظهار والقتل، (لم يحمل أحدهما على الآخر عندنا، وبعض أصحاب أبي حنيفة، وبعض أصحاب الشافعي) لاختلاف السبب، فهو (كلو اختلف الجنس)، نحو: أكس تميمياً، وأطعم تميمياً عالماً، وهو لا يحمل على المقيد، ثَمَ اتفاقا فكذا هنا.

  (وقيل:) بل ذلك (يفيد تقييده، ثُم) إن هؤلاء (افترقوا).

  (فقيل نصاً، وقيل قياساً).

  (لنا:) أن (الواجب حمل الكلام على ظاهره إلا لمانع، والظاهر أن المطلق هنا غير المقيد، فلا يحمل عليه إلا لقياس مع علة جامعة) بينهما، فإذا كان هناك علة جامعة وجب إلحاق أحدهما بالأخر؛ لأن القياس أحد طرق الشرع المقررة، فتكون كتخصيص عام ليس محلا للتخصيص بالقياس على عام هو محل للتخصيص، ويجيء هنا ما يذكر، ثم من الدليل والسؤال والجواب.

  واعلم أن كلام المصنف في هذا المقام على ما يسبق إلى الإفهام منتثر النظام عار عن الالتئام؛ وذلك لأن الخلاف في هذه المسألة على ثلاثة أقوال ليس غير:

  أحدها: أنه إن كان هناك علة جامعة حمل المطلق على المقيد من باب القياس، وإلا فلا وهذا هو الذي ذكره أولاً على ما يشعر به الاحتجاج، وكذا السياق فإنه لا قائل من أهل المذهب والشافعية بإبطال حمله عليه مطلقا، وحينئذٍ فلا معنى لقوله من بعد.