القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[تعارض العام والخاص]

صفحة 176 - الجزء 1

  تقدم الخاص ولو كان ورود العام متراخياً عنه ويقولون: تقدم الخصوص قرينة مشعرة بأنه ما أريد العموم بل المراد ما عداه، وكذا حيث جهل التاريخ.

  وأما حيث تأخر الخاص موصولا فواضح أنه تخصيص وكذا على ما ذكره بعض أصحابنا حيث يكون متراخياً وهو الذي يشعر به سياق المتن والذي فهمته من كلامهم أنه مع العلم بتراخي الخاص من قبيل النسخ لا التخصيص.

  لنا: أن ابن عباس قال: كنا نأخذ بالأحدث فالأحدث وهو ظاهر في أخذ الجماعة بذلك فكان إجماعا والعام المتأخر أحدث فوجب الأخذ به وترك الخاص المتقدم له وهو المطلوب.

  وأما إطراحهما عند جهل التاريخ فلاحتمال بطلان حكم الخاص لتأخر العام وثبوت حكمه لتقدمه فيتوقف في مورد الخاص ويطلب فيه دليل آخر.

  قالوا: في بنائه على الخاص عند الجهل عدم إهمال كلام الحكيم إذ مع العمل بالخاص يعمل ببعض العام.

  وأيضًا: فإن دلالة الخاص قطعية ودلالة العام ظنية؛ لجواز أن يراد به ما عدا الخاص فيكون الخاص راجحا فيعمل به.

  وأيضًا: فإنا حينئذٍ نجوز المقارنة وتأخر الخاص وتقدمه، وفي الأولين يعمل بالخاص اتفاقا بيننا فيضعف النظر إلى الوجه الثالث وإن نظر إليه دفعه ما تقدم من الدليلين.

  وقالوا: لو لم يخصص العام متأخرا، بل أبطلنا به الخاص، كنا أبطلنا القاطع بالمظنون، وهو لا يبطل به قطعا.

  (قلنا: العموم متناول للخصوص) كتناول الخاص (فهو كتعارض العمومين أو الخصوصين) فكما أنهما يطرحان حينئذٍ عند جهل المتأخر ولا مرجح، ويعمل بما علم تأخره من ذلك كذلك ههنا.