القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الخلاف في العام المتضمن للمدح والذم]

صفحة 186 - الجزء 1

  فهم العموم من الخطاب.

  قلنا: إنه ظاهر في العموم وعارضه الإجماع في بعض متناولاته وهو الأفراد فخصه فيها فيبقى حجة فيما عدا ذلك البعض، أعني الأنواع.

  وتحقيق ذلك، أن الجمع لتضعيف المفرد، والمفرد خصوصاً مثل المال، والعلم قد يراد به المفرد، فيكون معنى الجمع المعرف باللام، أو الإضافة جميع الأفراد.

  وقد يراد به الجنس، فيكون معناه جميع الأنواع كالأموال والعلوم، والتعويل على القرائن، وقد دل العرف وانعقد الإجماع على أن المراد في مثل خذ من أموالهم الأنواع لا الأفراد.

[الخلاف في العام المتضمن للمدح والذم]

  (مسألة: ومجيء العام) متضمناً (للمدح والذم) مثل قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}⁣[الانفطار]، (لا يبطل عمومه) فيثبت به الحكم في جميع متناولاته (إلا عند الشافعي) حتى زعم بعض الشافعية أن ليس الذهب والفضة عاماً للحلي حتى تجب فيه الزكاة بناءً على أن سوق الكلام في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ...} الآية [التوبة: ٣٤]، للذم لا لإيجاب الزكاة في كل ذهب وفضة.

  لنا: أنه عام بصيغته وضعاً ولا منافاة بين المدح والذم وبين التعميم فوجب التعميم عملاً بالمقتضى السالم عن المعارض، هكذا قال ابن الحاجب وغيره.

  وقد أُعْتِرُضَ: بأنَّ ذلك عين النزاع فإن الخصم يزعم أن قصد المدح أو الذم ينافي قصد عموم الحكم وإن كان اللفظ عاماً بصيغته لما أن المقصود من إيراد مثله المنع عما ذم لأجله على وجه المبالغة فلو ثبت العموم فات معنى الذم.

  قالوا: إن ذلك العام مع عدم التعميم وإرادة العموم أدخل في المبالغة في المدح أو الذم.