[هل يقع الإجمال في تحريم الأعيان]
  لم يشكوا أن المراد تحريم شربها ولذا أعمدوا إلى ما عندهم منها فاهراقوه، ولم يفتقروا إلى بيان يرد في ذلك وكذلك لما سمعوا قوله ÷ في الذهب والحرير: «هذان حرامان على ذكور أمتي» فهموا أن المراد اللبس لا ملك ذلك والنظر إليه ونحو ذلك.
  ولنا أيضاً: أنه من استقرأ كلام العرب علم أن مرادهم في مثله إذا أطلقوه إنما هو ذلك.
  (قالوا: لفظ التحريم محتمل)؛ لأن تحريم العين غير مقصود، فلا بد من إضمار فعل يصح متعلقا له، والأفعال كثيرة، ولا يمكن إضمار الجميع؛ لأن ما يقدر للضرورة يقدر بقدر الضرورة، فتعين إضمار البعض، ولا دليل على خصوص شيء منها، فدلالته على البعض المراد غير واضحة، وهو معنى الإجمال.
  (قلنا:) لا نسلم أن ذلك البعض غير متضح إذ (يحمل على المعتاد) من الانتفاع دون غيره لما ذكرنا (فتحريم الميتة يتناول أكلها وتحريم الأم ونحوها) يتناول (الاستمتاع) ونحو ذلك.
  (مسألة:) قال أهل (المذهب) منهم أبو طالب، (وبعض الشافعية: وقوله ÷:) «إنما (الأعمال بالنيات» غير مجمل فصلح دليلا لوجوب النية) في كل عمل؛ إلا أن أبا طالب ذكر أنه يتعلق به بعد النظر والدلالة على أن العمل واقع من غير نية وإذا كان كذلك لم يبق إلا أن المراد حكم العمل ويحمله على جميع أحكامه إذ لا مخصص، وغيره من أهل هذا القول يقول: يتعلق به من حيث أنه ÷ معرف للأعمال الشرعية فإذا قال: الأعمال بالنيات أو لا عمل إلا بنية فمراده لا عمل شرعي إلا بنية وما لم يكن كذلك فليس بعمل شرعي ولا وجود له من حيث كونه عملا شرعيا وإن كان له وجود من حيث أنه عمل واسم العمل لغوي.