القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[ما يعمل به من المفهومات]

صفحة 216 - الجزء 1

  مفهوم اللقب لما تبادر ذلك، وأما الصفة فلأنها لو لم تدل على أن المراد مخالفة المسكوت عنه للمذكور في الحكم لما كان لتخصيص المذكور بالذكر فائدة، إذ الفرض أن لا فائدة غيره، وهو لا يستقيم أن يثبت تخصيص آحاد البلغاء لغير فائدة، فكلام الله ورسوله أجدر.

  لا يقال: إن ذلك إثبات لوضع التخصيص لنفي الحكم عن المسكوت عنه بما فيه من الفائدة، وهو إنما يثبت بالنقل.

  لأنا نقول: لا نسلم أنه إثبات الوضع بالفائدة، بل يثبت بطريق الاستقراء عنهم أن كل ما ظن أن لا فائدة للفظ سواه تعينت لأن تكون مرادة، وأنه يفيد الظهور فيه فيكتفى به.

  وقالوا قولكم: إنه يلزم التعارض ممنوع، بل القاطع يقع في مقابلة الظاهر، فلا يقوى الظاهر للمعارضة، فلا يقع تعارض بين الطرفين، سلمنا لكن التعارض وإن كان خلاف الأصل وجب المصير إليه عند قيام الدليل، كما أن الأصل البراءة، ويخالفها بالدليل، وهو أكثر من أن يحصى.

  قلنا: لا نسلم ما ذكرتموه فيهما، أما اللقب فلأن ذلك فيه مفهوم من القرينة الحالية، وهي الخصام وإرادة الإيذاء، لا لأن اللفظ ظاهر فيه لغة، وهو محل النزاع، وذلك بمعزل عنه.

  وأما الصفة: فإن فائدتها غيرما ذكرتم، وهي تقوية الدلالة على المذكور لئلا يتوهم خروجه على سبيل التخصيص، فإنه لو قال في الغنم زكاة جاز أن يكون المراد المعلوفة تخصيصاً، فلما ذكر السائمة زال الوهم.

  وقد اعترض هذا بأنه فرع عموم مثل الغنم في قوله في الغنم السائمة زكاة حتى يكون معناه في الغنم سيما السائمة زكاة، وذلك مما لم يقل به أحد، فيجب رده، ولو سلم العموم في بعض الصور كان خارجا عن محل النزاع؛ لأن النزاع فيما لا شيء