القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[مفهوم الغاية]

صفحة 220 - الجزء 1

  ويمكن أن يجاب عن الأول: بأن المفهوم من أقسام الدلالة، وإنما يلزم ذلك لو كان من أقسام المدلول، ونحن لا نذهب إلى ذلك، إلاَّ أن عبارة الكثير من العلماء مصرحة بأنه من أقسام المدلول.

  قال الآمدي المفهوم: ما فهم من اللفظ في غير محل النطق.

  (القاضي عبدالجبار: يؤخذ به من جهة المعنى) فقط (لا من جهة الوضع) اللغوي فإنهم لم يضعوه إلا ليفيد كون ثبوته شرطا في ثبوت الحكم فقط، وإنما استفيد انتفاء المشروط بانتفاء الشرط من جهة المعنى (إذ لو لم يفد) الشرط (كون ما عداه بخلافه لم يكن لذكره فائدة).

  (قلت: ولا يبعد أن ذلك) أيضا (مقصود في الوضع)، بل هو ظاهر في إفادة ذلك وضعا بطريق الاستقراء عنهم أن كل ما ظن أن لا فائدة للفظ سواه تعينت لأن تكون مرادة، وهذا كذلك فاندرج في القاعدة الكلية الاستقرائية، فكان إثباته بالاستقراء لا بالفائدة، كما زعم القاضي عبدالجبار وأنه يفيد الظهور فيكتفى به.

[مفهوم الغاية]

  (مسألة: الجمهور ويؤخذ بمفهوم الغاية)، مثاله قوله تعالى و {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ}⁣[البقرة: ١٨٧]، فمفهومه ارتفاع وجوبه بدخول الليل، إذ هو بمنزلة أخِرُ وقت وجوب الصوم انقضاء النهار، وهذا يقتضي ارتفاعه بدخول الليل اتفاقا، وكذلك قوله إلى الليل، (ولا) يؤخذ بهذا المفهوم، كما لا يؤخذ بما سبق من المفهومات، إذ ليس في لفظ الغاية تصريح برفع الحكم كما ذكر، وإنما يفيد ذلك ثبوت الحكم إلى أول وقتها، وما عدا ذلك مسكوت عنه غير محكوم عليه من جهة اللفظ بنفي أو إثبات، إلا بقرينة أخرى غير اللفظ إن وجدت.

  (قلنا) المعلوم من اللغة أن (وضع) حرف (الغاية لرفع الحكم عمَّا بعدها في نحو: {حَتَّى يَطْهُرْنَ}) [البقرة: ٢٢٢]، وصوموا إلى أن تغيب الشمس، فمعنى ذلك أن