القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[مفهوم الشرط]

صفحة 219 - الجزء 1

  تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}⁣[النور: ٣٣]، فلو ثبت مفهوم الشرط لثبت جواز الإكراه عند عدم إرادة التحصن، والإكراه عليه غير جائز بحال من الأحوال إجماعًا.

  وأجيب عنه أولاً: بأنه مما خرج مخرج الأغلب إذ الغالب أن الإكراه يكون عند إرادة التحصن ولا مفهوم في مثله كما سيأتي.

  وثانياً: بأن المفهوم وإن اقتضى ذلك فقد انتفى لمعارض أقوى منه وهو الإجماع.

  وقد أجيب عنه أيضاً: بما حاصله، سلمنا دلالة الشرط على عدم حرمة الإكراه عند عدم الإرادة، لكن بناء على أنه غير متصور، وهذا لا يستلزم الإذن فيه.

  بيان ذلك، أنهن إذا لم يردن التحصن لم يكن البغاء مكروها عندهن، وهذا كافٍ في امتناع الإكراه عليه؛ لأن الإكراه إنما هو إلزام فعل مكروه.

  وحجة القائل به ما تقدم في مفهوم الصفة للمثبت فينتقل إلى ههنا بعينه، وله أيضا دليل يختص به، وهو أنه إذا ثبت كونه شرطا لزم من انتفائه انتفاء المشروط.

  (قلنا: إنما يدل اللفظ) على المعنى الذي وضع له (بظاهره والمفهوم ليس بظاهره).

  وقد يقال: هذا الكلام لا يناسب مقتضى المقام.

  أما أولاً: فلأنه كان يجب أن يقول: إنما يدل اللفظ بظاهره وليس في ظاهره دلالة على المفهوم أو إنما يدل اللفظ على ما هو ظاهر من المعنى والمفهوم ليس بظاهر فيتأمل.

  وأما ثانياً: فلأن ذلك إنما يصلح في مقام المنع لا الاستدلال؛ لأن النزاع لم يقع إلا في مثل ذلك اللفظ هل هو ظاهر في دلالته على مخالفة المسكوت عنه للمنطوق في الحكم أَوْ لا.