القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

(باب الناسخ والمنسوخ)

صفحة 225 - الجزء 1

(باب الناسخ والمنسوخ)

  مسألة: اختلف العلماء في استعمال النسخ وتداوله على لسان أهل الشرع، هل هو باق على طريقة أهل اللغة، أو منقول إلى غير ذلك.

  فعند (أبي هاشم والقاضي عبدالجبار) أن (لفظ النسخ منقول) من المعنى الذي وضع له في اللغة (إلى) معنى آخر وضع له في (الشرع) فعلى هذا يكون من الحقائق الشرعية، ذكر ذلك المصنف واختاره.

  وقد يقال: بل يكون حينئذٍ حقيقة عرفية خاصة لا شرعية؛ لأن الشرعية ما كان بوضع الشارع، لا بوضع أهل الشرع على ما تقدم في موضعه.

  ومعناه الاصطلاحي إنما هو بحسب وضع أهل الشرع.

  (وقيل: لا)، بل هو باق على وضع اللغة، وليس بمنقول.

  (لنا) أن المراد به (هو في اللغة إزالة الأعيان) كنسخت الريح آثار بنى فلان، ونسخت الريح آثار القدم، أي أزالت ذلك، (و) المراد به (في) عرف أهل (الشرع) هو (إزالة الأحكام) الشرعية وشتان ما بين هذا وذاك.

  وقد يقال: بل المراد به في اللغة مطلق الإزالة، ولهذا قالوا نسخت الشمس الظل وليس الظل بعين، وقد حصلت الإزالة المطلقة في الأحكام فلا نقل.

  ولنا أيضا: أن التكاليف الشرعية تزول بالإغماء والجنون والموت، ولا يقال إنها نسخت عنه مع أن الإزالة قد حصلت، وأيضا فإن له في عرف أهل الشرع شرائط لم يعتبرها أهل اللغة، واعلم أن لفظ النسخ مستعمل في اللغة لمعنيين.

  للنقل: يقال نسخت الكتاب، أي نقلت ما فيه إلى آخر ونسخت النحل أي نقلتها من موضع إلى موضع، ومنه المناسخات في المواريث لانتقال المال من وارث إلى وارث.