القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الإجماع على جواز النسخ]

صفحة 229 - الجزء 1

  (أنكرت) كون (معجزاته ÷) تدل على صدقه إذ ليست كمعجزات موسى، وإلا لصدقته وحكمت بنسخ شريعته لما تقدمها، وفرقة منهم وهم العيسوية⁣(⁣١) ذهبوا إلى جواز النسخ عقلا ووقوعه سمعاً واعترفوا بنبوة محمد ÷ لكن إلى العرب خاصة لا إلى الأمم كافة.

  لنا: أنا نقطع بجوازه عقلا، وأنه لو فرض وقوعه لم يلزم منه محال لذاته؛ لأن الشرائع إنما شرعت لكونها مصالح للعباد، أما الواجبات فلكونها ألطافا مقربة لنا من فعل الطاعات العقلية فعلا وتركا.

  وأما المندوبات فلكونها مسهلة للواجبات، وأما المحرمات فلكونها مفاسد ولا شك أن دفع المفسدة أهم من جلب المنفعة، وأما المكروهات فلكونها مسهلة لتجنب المحرمات والمصلحة تختلف باختلاف الأحوال والأوقات كمنفعة شرب الدواء في وقتٍ أو حالةٍ ومضرته في وقت آخر أو حالة أخرى فلا بعد أن تكون المصلحة في وقت تقتضي شرع ذلك الحكم وفي وقت رفعه.

  وأما الوقوع فإنه جاء في التوراة أن آدم أمر بتزويج بناته من بنيه، وقد حرم ذلك باتفاق، وهو النسخ.

  قالوا: إن نسخ الله تعالى الحكم، فإما لحكمة ظهرت لم تكن ظاهرة له من قبل أَوْ لا، وكلاهما باطل.

  فالأول: لأنه هو البداء وأنه على الله محال.


(١) العيسوية وهم أتباع عيسى الأصفهاني: أن محمداً رسول صادق مبعوث إلى العرب، وغير مبعوث إلى بني إسرائيل. (تفسير الرازي /٧/ ٢٧٠).

(*) فإن العيسوية وهم فرقة كبيرة من النصارى يزعمون أن عيسى # لم يقتل بل رفعه الله إليه، ولا يعتقدون التثليث، ونصارى الحبشة على هذا، وزعم هؤلاء أن محمد ÷ رسول مبعوث إلى العرب خاصة. (قواطع الأدلة في الأصول: للسمعاني/١/ ٣١٢). نقلاً من المكتبة الشاملة.