[شروط النسخ]
  والثاني: لأن ما لا يكون لحكمة فهو عبث وهو أيضا عليه محال.
  (قلنا:) قد بينا أن (الشرائع مصالح، فجاز اختلافها) باختلاف الأحوال والأزمان (كما مر) تحقيق ذلك آنفاً، وفي كتاب القلائد، فلم يتجدد ظهور مصلحة لم تكن ظاهرة، بل تجددت مصلحة لم تكن موجودة، فلا بدا ولا عبث.
  قالوا: لو نسخ شريعة موسى لبطل قول موسى هذه شريعة مؤبدة ما دامت السماوات والأرض، ولا يمكن بطلانه سنداً لكونه متواترا ولا معنى لأنه قول رسول.
  قلنا: نحن نلتزم بطلانه، ونمنع كونه قول موسى ومتواتراً، بل هو مختلق؛ لأنه لو كان صحيحاً عندهم لقضت العادة بأن يقولوه للنبي ÷ ويحتجوا به عليه ولم يقع، وإلا لاشتهر عادة.
  فإن قيل: كيف يتصور من المسلم إنكار النسخ وهو من ضروريات الدين؛ ضرورة ثبوت نسخ بعض أحكام الشرائع السابقة بالأدلة القاطعة على حقية شريعتنا ونسخ بعض أحكام شريعتنا بالأدلة القاطعة من شريعتنا.
  قلنا: هو لا ينكر عدم بقا تلك الأحكام، وإنما ينازع في الارتفاع والانقطاع، فزعم أن حقية تلك الأحكام كانت مقيدة بظهور شريعتنا، وكذا في أحكام شريعتنا ويجرى الحال في ذلك كالحال في نحو: {أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ}[البقرة: ١٨٧]، فكما أن قوله: {إِلَى الَّيْلِ} غير ناسخ لوجوب صوم النهار، بل هو غاية له، كذلك الحكم فيما يعد ناسخا فيرجع النزاع لفظياً.
  (مسألة: وشروطه) أربعة:
[شروط النسخ]
  أحدها: (ألا يكون الناسخ ولا المنسوخ عقليا)، ولو كان معنى النسخ موجوداً في ذلك فلا يعد الموت ونحوه من النوم والجنون ناسخا للتكاليف الشرعية