القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[شروط النسخ]

صفحة 236 - الجزء 1

  (قلنا:) لا شك أن التكليف (القصد به المصلحة، و) لكنها (قد تكون بالأخف والأثقل)، وربما علم الله أن المصلحة بالأشق بعد الأخف أكثر، كما ينقلهم من الصحة إلى السقم ومن الشباب إلى الهرم، وأيضا فإن ما ذكرتم يلزمكم في أصل التكليف فإنه نقل من البراءة الأصلية إلى ما هو أثقل، فينبغي أن لا يجوز وإنه جائز اتفاقا.

  (و) لنا أيضاً: وهو من جهة السمع لو لم يجز لم يقع، وقد وقع (كنسخ) التخيير بين الصوم والفدية إذ كان هو الواجب أولاً في بدء الإسلام بقوله تعالى: ({وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}⁣[البقرة: ١٨٤]، أي وعلى المطيقين للصيام الذين لا عذر لهم إن أفطروا فدية طعام مسكين.

  ثم نسخ بتعيين الصوم (بقوله) تعالى {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ (فَلْيَصُمْهُ)}⁣[البقرة: ١٨٥].

  ولا شك أن إلزام أحد الأمرين بعينه أشق من التخيير بينهما.

  ومن ذلك نسخ صوم عاشورآء بصوم رمضان وصوم شهر أشق من صوم يوم واحد.

  قالوا: قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ...}⁣[النساء: ٢٨] {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥]، والنقل إلى الأشق بخلاف ذلك فلا يريده.

  قلنا: لا نسلم عموم التخفيف، واليسر والعسر بل هي مطلقة، ولو سلم فسياقها يدل على إرادة ذلك في المآل، والتخفيف هو تخفيف الحساب، واليسر هو تكثير الثواب.

  ولو سلم فإنه مجاز من باب تسمية الشيء باسم عاقبته مثل: لدوا للموت وابنوا