القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[نسخ التلاوة دون الحكم]

صفحة 240 - الجزء 1

  وهو قوله تعالى {فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ...} الآية [التوبة: ٥]، (لآيات كثيرة) وتلاوتها باقية، حتى قيل إنها نسخت مائة وأربعًا وعشرين آية، وقيل نيفًا وثلاثمائة آية.

  من المنسوخ بها قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ...} الآية [المائدة: ١٠٥] {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}⁣[النساء: ٦٣] {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ}⁣[الصافات: ١٧٨] {فَذَرْهُمْ}⁣[المؤمنون: ٥٤]، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا}⁣[النحل: ١٢٦]، (وكالاعتداد بالحول) الثابت بقوله تعالى {مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}⁣[البقرة: ٢٤٠] فإنه نسخ بالاعتداد بأربعة أشهر وعشر واللفظ مقروء.

  (وقد ينسخان معا كما روي عن عائشة) أنها قالت كان فيما أُنزِلَ (عشر رضعاتٍ) مُحَرِّمَاتٍ، ثم (نُسِخْنَ بخمسٍ)، وقد نُسِخَ تُلاوتُهُ وحكمُهُ، (وهذه أمثلة فقط إذ لم يقطع بصحتها).

  قال #: ولأنا لو حكمنا بصحتها كنا قد أثبتنا بعض القرآن آحاديا وهو لا يصح على ماتقدم تقريره⁣(⁣١).

  وقد يمنع كون ما ذكر يقتضي أنها أمثلة إذ لا يشترط التواتر إلا فيما لم تنسخ تلاوته لما سيجئ.


(١) قال الإمام المهدي # في المعيار والمنهاج ص ٤٣٨ ما لفظه «قلت وهذه الرواية التي حكيناها عن عمر وعائشة إنما جئنا بها أمثلة فقط لما ذكرنا من نسخ التلاوة دون الحكم، من نسخهما جميعاً؛ إذ لم نقطع بصحتها؛ ولهذا خالفنا حكمها؛ ولأنا لو حكمنا بصحتها كنا قد أثبتنا بعض القرآن آحادياً؛ لأن نقل هذه ليس بمتواتر، ويحتمل أن يقال لا مانع من كونها كانت قرآنا قبل نسخ تلاوتها، ولا يؤدي تجويز ذلك إلى أمر ممتنع وبعد نسخ تلاوتها لا يحكم بأنها قرآن، لكن في ذلك بعد من جهة لفظها فإنها تخالف لفظ القرآن في البلاغة والفصاحة، والأقرب أنها ليست من القرآن، ويحتمل أن قول عمر كان فيما أنزل أراد فيما أُنزل على محمد ÷ من الشريعة لا آية من القرآن، وقد ذكر ذلك أبوالحسين في المعتمد: ١/ ٣٨٧. لكنه روي عن عمر أنه قال لو لا أن يقال زاد في المصحف لأثبت في حاشيته الشيخ والشيخة ... الخ. قلت: وكلامه يحتمل أنه عنده من القرآن لولا خاف أن تلحقه التهمة لأثبته فيه، ويحتمل أنه عنده من السنة وأراد إثباته في حاشية المصحف ليحفظ لولا خاف أن يتوهم فيه أنه جعله من القرآن فيزاد فيه ما ليس فيه. تمت من حاشية الكاشف لذوي العقول ص ٣٩٢.