القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[نسخ التلاوة دون الحكم]

صفحة 241 - الجزء 1

  سلمنا فقد تقدم القول بصحة القراءة الشاذة، ووجوب العمل عليها، وهي بمعزل عن التواتر.

  سلمنا فإن مجرد التمثيل لا يطابق مقتضى المقام؛ لأنه لا يدل على الوقوع فينتثر النظام ولا يتسق الكلام.

  سلمنا فإنه إنما ساق ذلك في غير الثاني من تلك الأوجه لا فيه وأقرب ما يعول عليه هنا في التوجيه كون ما أراده هنا وقصد لا يعزب ولا يخفى على أحد.

  وإذا صح لك ما ذكرناه من المنع وتوضح وتقوى لديك وترجح فهل يجوز في المنسوخ أن يمسه المحدث أو يتلوه الجنب، فيه تردد.

  قال بعض المحققين: والأشبه أنه لا يجوز فيما نسخ حكمه وأقر تلاوته لأنه قرآن إجماعا، ويجوز فيما نسخ تلاوته وأقر حكمه لأنه ليس بقرآن إجماعًا.

  نعم وهذا الذي تقدم ذكره هو الأصح، (وخالف بعضهم في الجواز).

  (لنا) أنا نقطع بالجواز، فإن جواز تلاوة الآية حكم من أحكامها، وما يدل عليه من الأحكام حكم آخر لها، ولا تلازم بينهما، وإذا ثبت ذلك فيجوز نسخهما ونسخ أحدهما كسائر الأحكام المتباينة، إذ (المعتبر المصلحة) كما سبق، وقد يكون كذلك.

  ولنا أيضاً: الوقوع كما مر وأنه دليل الجواز.

  قالوا: بقاء التلاوة دون حكمها يتضمن حصول الدليل ولا مدلول وذلك يرفع الثقة بالأدلة وفي رفعها دونه ثبوت مدلول بلا دليل وإنه لا يجوز.

  قلنا: لا يلزم من نسخ أحدهما دون الآخر ما ذكرتم من الانفكاك؛ لأنه إنما يدل ثبوت التلاوة على ثبوت الحكم، ولا يدل دوامها على دوامه، ولذلك فإن الحكم قد يثبت بها مرة واحدة والتلاوة تكرر أبدا، وإذا كان كذلك فإذا نسخ التلاوة وحدها فهو نسخ لدوامها، وهو غير الدليل، وإذا نسخ الحكم وحده، فهو نسخ