القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الخبر الأحادي]

صفحة 286 - الجزء 1

  فيه، وأيضا فلا يخرج بانضمام ما ذكرتم عن كونه خبر واحد وقد قبل مع ذلك، فهو دليل عليكم لا لكم.

  قالوا: لعلها أخبار مخصوصة تلقوها بالقبول ولا يلزم في كل خبر.

  قلنا: نقطع أنهم عملوا بها لظهورها وإفادتها الظن، لا بخصوصها كظاهر الكتاب والمتواتر، وهو اتفاق على وجوب العمل بما أفاد الظن.

  (و) لنا أيضاً (إطباق التابعين وفقهاء الأمصار) في جميع الأعصار (على قبول) الأخبار التي ترويها (الآحاد) على نحو ما مر في الدليل الأول.

  (و) لنا أيضاً فعله ÷ (لبعثه ÷ السعاة والعمال) إلى النواحي لتبليغ الأحكام مع العلم بأن المبعوثين آحاد وأن المبعوث إليهم كانوا مكلفين بالعمل بمقتضاه.

  وقد يقال: إنما النزاع في وجوب العمل للمجتهد وليس في هذا ما يدل عليه.

  قالوا قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦] فنهى عن إتباع الظن، وقال: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ...}⁣[الأنعام: ١١٦] فذم بإتباع الظن والنهي، والذم دليل الحرمة، وأنه ينافي الوجوب، ولاشك أن خبر الواحد لا يفيد إلاَّ الظن.

  قلنا بعد ما تقدم من أن المتبع هو الإجماع، وأنه ظاهر في أصل، يلزمهم أن لا يمنعوا التعبد به إلاَّ بدليل قاطع، ولا قاطع لهم، وما ذكروه لا عموم له في الأشخاص، ولا في الأزمان، وقابل للتخصيص فيما له فيه عموم، وهو القضايا والأحكام فيختص بما يطلب فيه العلم من الأصول ولغيره⁣(⁣١)، كتأويل العلم بما يعم الظن والقطع، وتأويل الظن بالشك والوهم.

  (مسألة: كثر ويقبل خبر العدل وحده)، وإن لم يروه غيره كان فيما يوجب الحد


(١) قوله: (ولغيره) معطوف على قوله: (للتخصيص)، أي قابل للتخصيص وقابل لغيره. تمت.