القسطاس المقبول الكاشف لمعاني معيار العقول،

الحسن بن عزالدين المؤيد (المتوفى: 929 هـ)

[الجرح والتعديل]

صفحة 290 - الجزء 1

  قالوا: اعتبار العدد أحوط لأنه يبعد احتمال العمل بما ليس بحديث.

  قلنا: بل عدم اعتبار العدد أحوط لأنه يبعد احتمال عدم العمل بما هو حديث.

  احتج ابن الحاجب: بأن التعديل شرط، فلا يزيد على مشروطة، فلا يحتاط فيه إلا ما يحتاط في أصله، وقد اكتفي في أصل الرواية بواحد، وفي الشهادة بإثنين، فيكون تعديل كل واحد كأصله.

  قلنا: عدم زيادة الشرط على مشروطة إنما يفيد عدم اشتراط العدد في تعديل الراوي أو جرحه، ولا يفيد اشتراطه في تعديل الشاهد أو جرحه، إذ لابد في ثبوت تمام المدَّعى من ثبوت أن الشرط كما لا يزيد على مشروطة لا ينقص عنه، وليس بثابت؛ لأنه يشترط في شهود الزنا كونهم أربعة، ويكفي في تعديلهم اثنان، على أن عدم الزيادة ليس بثابت، إذ يكفي عنده في شهادة هلال رمضان واحد، ويفتقر في تعديله إلى إثنين.

  وقد يدفع هذا بأن التساوي ثابت في باب الشهادة على الإطلاق، وزيادة الأصل في شهادة الزنا، ونقصانه في شهادة رمضان، إنما ثبت بخصوص النص احتياطا لدرء العقوبات وإيجاب العبادات.

  فرع: (الباقلاني ويكفي الإطلاق فيهما)، فلا حاجة إلى ذكر السبب.

  (وقيل: لا) يكفي الإطلاق (فيهما)، بل يجب ذكر السبب.

  وقال (الشافعي يكفي) الإطلاق (في التعديل فقط)⁣(⁣١) دون الجرح.


(١) قيل: ويجب ذكر سبب الجرح دون سبب التعديل وهو قول الشافعي، واختاره والدنا المنصور بالله القاسم بن محمد # وذلك لانضباطه، أي سبب الجرح، بخلاف التعديل؛ لأن أسباب التعديل كثيرة لا تنضبط، فلا يمكن ذكرها. وتحقيقه أن العدالة بمنْزلة وجود وصف مجموع يفتقر إلى اجتماع أجزاء وشرائط يتعذر ضبطها أو يتعسر، والجرح بمنْزلة عدم ذلك الوصف، فيكفي فيه انتفاء واحد من الأجزاء أو الشرائط فيجب ذكرها. اهـ ح غ/٢/ ٦٣ - ٦٤. (نقلاً من الكاشف لذوي العقول ص ١٠٤).